ولد إمام الحرمين رضي الله عنه في ثامن عشر المحرم سنة ٤١٩ تسع عشرة وأربعمائة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وصلم، وتوفي ليلة الأربعاء بعد صلاة العشاء الخامس والعشرين من شهر رييع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (٢٥ ربيع الآخر سنة ٤٧٨) فكانت حياته رضي الله عته تسعاً وخمسين سنة وثلاثة أشهر وسبعة أيام.
كانت ولادته في نيسابور من أشهر مدن إقليم خراسان، ذلك الإقليم الذي كان من مدنه: هراة، ومرو، وبلخ، وطالقان، ونسا، وأبيورد، وسرخس، وغيرها.
هذا ما شغله من الزمان والمكان، مضافاً إليه أنه أُخرج أو خرج -في قصة طويلة- مع نحو أربعمائة من أئمة الإسلام، في المحنة المعروفة بمحنة أهل السنة، فخرج إلى الحرمين الشريفين، وكان الأئمة يقدمونه ليصلِّي بهم، ومن أجل ذلك جاءه هذا اللقب، الذي عرف به: إمام الحرمين هذا كل ما شغله من المكان والزمان، أما المكانة والمنزلة، فقد ملأ سمع الدنيا بمشرقها ومغربها منذ نبغ، وملأ أيامها منذ كان إلى اليوم، بل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
[العوامل التي ساعدت في بناء شخصيته العلمية]
[أ- بيته ونشأته]
ولد إمام الحرمين في حِجْر الإمامة، فوالده هو الإمام أبو محمد، عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني. كان إمام عصره في نيسابور، تفقه على أبي الطيب سهل بن محمد الصعلوكي، وأبي بكر عبد الله بن أحمد القفال المروزي، وقرأ الأدب على والده يوسف الأديب (بجوين)، وسمع أستاذَيه أبا عبد الرحمن السلمي، وأبا محمد بن بابَوَيْه الأصبهاني، وببغداد أبا الحسن محمد بن الحسين بن الفضل بن نظيف الفراء، وغيرهم.