الباب، وبهذه الحدة، وحده دون غيره من الفقهاء، حاشا تلميذه الغزالي، فقد ناله قدرٌ من ذلك، ولعله أصيب به تبعاً لشيخه.
٦ - كنت أتمنى أن أقوم بدراسة إحصائية استقصائية لكل الأحاديث التي استشهد بها إمام الحرمين في كتبه كلها، نجمعها كلها في صعيدٍ واحد ثم نُجري الدراسات الآتية:
* توزع على دواوين السنة لنرى كم حديثاً منها أخرجه البخاري؟ وكم حديثاً أخرجه مسلم؟ وكم حديثاً أخرجه أبو داود؟ وهكذا.
* ثم تُقسم بحسب الصحة أولاً قسمين ما بلغ درجة الصحة والحسن، وما دون ذلك، ثم يقسم ما نزل عن درجة الحسن إلى الضعيف الذي يصلح للاستدلال به في فضائل الأعمال، وإلى ما دون ذلك.
* ثم يُنظر في هذا الضعيف هل استدل به وحده، أم استأنس به مع حديث أو قياس؟
* ثم ينظر هل استدل بهذا الضعيف دون غيره من الفقهاء والأئمة؟ أم أن هذه الأحاديث دائرة متداولة في كتب الفقهاء؟
* وننظر أيضاً في أحاديث الخلاف، وما تكلم فيه من أحاديث الخصوم، وكيف ردّها.
* وننظر في الأحاديث التي أخذها عليه وعلى الغزالي ابنُ الصلاح والنووي، أو ابن حجر؟ وكم مما أخذه ابنُ الصلاح ردّه عليه النووي أو ابن حجر، وكم مما أخذه النووي ردّه عليه ابنُ حجر أو غيره.
كان هذا تصوّرنا لهذا الفصل ولحسم هذه القضية، ولكن لم يسعفنا الوقت ولا الجهد، ولذا سنتناول هذه القضية على نحو آخر فيما يأتي.
خُطة هذا الفصل وطريقته:
سنسير في هذا الفصل على الخطوات الآتية:
أولاً - ذِكْرُ الناقدين والمتحاملين على إمام الحرمين في هذا الجانب.
ثانياً - النظر في الأسباب والعلل التي سوّغوا بها ما يقولون.
ثالثاً - بيان أن الأوهام الحديثية لا يكاد ينجو منها أحد.
رابعاً - ذكر نماذج من كلام إمام الحرمين في نقد أحاديث الخصوم.