للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب صلاة الخوف]

١٥٠٨ - القول في صلاة الخوف ينقسم: في التقسيم الأول إلى ما يجري في حال شدة الخوف، ومطاردة العدو والتحام الفئتين، وذاك نذكره في آخر الباب، وإلى ما يجري ولم ينته الأمر إلى شدة الخوف، وهذا القسم ينقسم أقساماً، والجملة المتبعة أن الصلاة لا سبيل إلى إخراجها عن وقتها بسبب الخوف وقيام القتال، فأما الجَمْعُ فمتعلّق بعذر السفر، أو المطر في الحضر. وقيام الحرب لو فرض في غير سَفْرة (١)، فلا يتعلق به جواز الجمع، كما لا يتعلق رخص السفر بالمرض من غير نصٍّ عليها، فإذا كان كذلك، فإن احتمل الأمرُ أن يصلي الإمام والقومُ على نظام الأركان، من غير ركوب وتردّد، فعليهم ذلك. ثم نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةُ الخوف قبل الانتهاء إلى التحام الفريقين على وجوه، وكل وجهٍ يليق بالحال الذي نقل ذلك الوجه فيها، ونحن نأتي عليها إن شاء الله مفصلة.

١٥٠٩ - وقد بدأ الشافعي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في غزوة ذات الرقاع، وكان المسلمون وقوفاً في وجاه العدو والحرب قائمة، فدخل وقت الصلاة، فأول ما نذكره الرواية في كيفية صلاته، روى الشافعي (٢) بإسناده عن مالك عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوَّات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَدَع أصحابه صَدْعَيْن في غزوة ذات الرقاع، وفرقهم فرقتين، وانحاز بطائفة فصلى بهم ركعةً، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركعة الثانية، انفرد القوم بالركعة الثانية وأقاموها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم في الركعة الثانية، فلما تحللوا عن صلاتهم، مشَوْا بعد التحلل إلى الصف، وأخذوا أماكن إخوانهم في القتال،


(١) سَفْرة: وزان سجدة مفرداً وجمعاً. (المصباح). وفي (ل): سفر.
(٢) ر. الأم: ١/ ١٨٦.