للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب صفة الأئمة]

١٢٤٨ - قد ذكرنا فيما تقدم من يصح الاقتداء به ومن لا يصح الاقتداء (١). وهذا الباب معقودٌ لبيان من هو أولى بالإمامة عند فرض اجتماع قوم يصلح كل واحد للإمامة، ولكن الغرض بيان الصفات المرعية في تقديم من هو أولى بالتقديم والإمامة.

والأصل أولاً في الباب ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعُصبة وفدوا عليه: "يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله، فإن لم يكن، فأعلمكم بسنة رسول الله، فإن لم يكن، فأقدمكم سِناً. أو قال: أكبركم سِناً" (٢)، فصار الحديث أصلاً في التقديم بالفضائل.

ثم مذهب الشافعي أن الأفقه الذي يحسن قراءة الفاتحة، مقدَّم على الأقرأ الماهر بالقراءة (٣)، إذا كان في الفقه غير مواز لصاحبه، والسبب فيه أن الصلاة إلى الفقه أحوج منها إلى قراءة السورة؛ فإن ما يتوقع وقوعه من الوقائع لا نهاية له، ولا يغني فيها إلا الفقه والعلم، ويجوز الاكتفاء بقراءة الفاتحة.

وظاهر الحديث الذي رويناه مشعر بتقديم الأقرأ، ولكن الشافعي أوّل الحديث، ونزّله على الوجه الحق، فقال: فإن الأغلب في الصحابة أن من كان أقرأ، كان أفقه.


(١) كذا في جميع النسخ، بحذف " به " وهو سائغ جيد، لا غبار عليه.
(٢) حديث: "يؤمكم أقرؤكم .. " رواه مسلم بنحو هذا السياق. من حديث أبي مسعود الأنصاري، (ر. صحيح مسلم: كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، ح ٦٧٣، وتلخيص الحبير: ٢/ ٣٢ ح ٥٧٦).
(٣) كذا في جميع النسخ، ولعلها (بالقرآن) كما هو وارد في لفظ الحديث الشريف، عن فضل وجزاء القارىء الماهر بالقرآن. مجرد حَدْس. والله أعلم.