للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب (١) الإقرار بالسرقة والشهادة عليها

قال الشافعي رحمه الله: "لا يثبت على سارق حد إلا بأن يثبت على إقراره ... إلى آخره" (٢).

١١١٣٧ - لا شك أن وجوب القطع واستيفاءه يترتب على ثبوت السرقة الموجبة له، والسرقة تثبت بالإقرار، أو البيّنة، ثم الإقرار ينقسم قسمين: إقرارٌ قبل الدعوى، وإقرار بعدها، وكذلك البيّنة تنقسم على هذا الوجه، وسنستوفي الأقسام، ونأتي في كل قسم بما يليق به.

ونقول أولاً: إذا ادعى مالك مالٍ السرقةَ على إنسان، فلا يخلو، إما أن يكون له بينه أو لا يكون له بيّنة؛ فإن لم يكن له بينة، فلا يخلو إما أن ينكر المدعَى عليه أو يقر، فإن أنكر، فالقول قوله مع يمينه، فإن حلف، فذاك، وإن نكل، حلف المدعي، واستحق دعواه، وغرّمه المال؛ لأن النكول مع ردّ اليمين كالبيّنة، أو كالإقرار، ولا شك في ثبوت الدعوى بهما جميعاً، ثم كما يثبت المال، يثبت القطع حقاً لله تعالى، هكذا ذكره الأصحاب؛ فإن يمين الرد إن جعلناها كالإقرار، فالقطع يثبت به، وإن جعلناها كالبينة، فهي كبينة كاملة، والدليل عليه أن القصاص يثبت بها، والقصاص لا يثبت إلا ببينة.

وقد يخطر للناظر في هذا أدنى إشكال؛ من حيث إن الدعوى لا تتعلق إلا بالمال، والقطع لله تعالى، [وإجراء حدود الله تعالى] (٣) بالأيمان فيه إشكال.

ولو قال رجل: استكره فلانٌ جاريتي وزنى بها، فأنكر المدعى عليه، وأفضت


(١) من هنا بدأ ظهور بعض السطور والفقرات في نسخة (ت ٤) ولم ينته أثر البلل والمحو بعدُ.
(٢) ر. المختصر: ٥/ ١٧١.
(٣) زيادة من (ت ٤).