للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخصومة إلى يمين الرد، فالمهر يثبت بها، ويبعد أن يثبت حد الزنا.

فإذاً يجب ترديد الرأي في ثبوت حد السرقة؛ لما أشرنا إليه، ويجب القطع [بأن] (١) حد الزنا لا يجب (٢)؛ من جهة أنه يثبت حقاً لله تعالى، وسنذكر بعد هذا مسائلَ تشير إلى التسوية بين حد السرقة والزنا، حتى صار كثير من الأصحاب إلى إجراء الخلاف فيهما بطريق النقل من أحدهما إلى الثاني. هذا فيه إذا أنكر.

١١١٣٨ - وإن أقرّ، ثبت الغرمُ والقطعُ بإقراره، وإن أصر على الإقرار؛ فلا كلام، وإن رجع عن الإقرار، فللأصحاب طريقان: قال قائلون: إذا رجع، لم نقبل رجوعَه في المال، والغرم قائم عليه، وفي قبول رجوعه في القطع قولان: أحدهما - يقبل، وهو قياس العقوبات حقوقِ الله تعالى، ولا خلاف أن حد الزنا (٣ إذا ثبت بالإقرار، سقط بالرجوع، والقول الثاني - أن القطع لا يسقط، لأنه قرين الغرم، فإذا لم يؤثِّر رجوعه ٣) في المال، وجب ألا يؤثِّر في القطع.

وهذا قد يشير إلى فقهٍ لائق بالباب، وهو أن قطع السرقة يرتبط بحق الآدمي من وجهٍ؛ لأنه أثبت عصمةً لماله، ولهذا يتعلق بمخاصمة المالك في المال، وللغلوّ في هذا المعنى صار أبو حنيفة إلى أنه لا يجمع بين القطع، وتغريم السارق. هذا مسلك لبعض الأصحاب سديد، وهو طريقة القاضي.

وذهب طوائف من الأئمة إلى عكس هذا، وقالوا: إذا أقر بالسرقة الموجبة للقطع، ثم رجع عن إقراره، فرجوعه عن الإقرار مقبولٌ في القطع ساقطٌ قولاً واحداً، وهل يسقط الإقرار بالمال؟ فعلى قولين، فهؤلاء قطعوا بسقوط القطع، ورددوا القول في إتباع المال القطعَ وشبهوا ذلك بإقرار العبد بالسرقة، فإن إقراره في وجوب القطع مقبول، وفي المال قولان.

والطريقة الأولى أفقه؛ فإن قبول الرجوع عن الإقرار بالمال بعيد عن القولين،


(١) في الأصل: " على أن ". والمثبت من (ت ٤).
(٢) ت ٤: يثبت.
(٣) ما بين القوسين سقط من (ت ٤).