للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب لغو اليمين]

قال: " لغو اليمين ما يجري على لسانه ... إلى آخره " (١).

١١٧٣٠ - قال الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]، أراد ما قصدت قلوبكم، وقال تعالى في سورة المائدة [٨٩]: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ} وعقّدتم بالتشديد والتخفيف، والمعنى القصد أيضاً، فلغو اليمين عندنا ما يجرى في أثناء اللِّجاج، كقول القائل: لا والله، وبلى والله، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " لغو اليمين قول الإنسان لا والله وبلى والله " (٢) وهذا الباب على صغر حجمه يحتاج فيه إلى ثَبَت؛ فإن مثل هذا لو كان طلاقاً، لوقع الحكم بوقوعه، وكذلك لو جرى العِتاق على هذا الوجه، جرى الحكم بنفوذه، وليس القائل لا والله على خبل، أو في حال زوال عقل، وليس يلتف لسانه، فيجري بهذه الكلمة من غير قصد.

وقد نصّ الشافعي وأجمع الأصحاب على أن لغو اليمين ما يُجريه الإنسان في أثناء الكلام في هيْج غضب أو احتدادٍ في لجاج، فيقول: لا والله وبلى والله، والوجه في ذلك أن الناس يجرون أمثال ذلك إجراءً عامّاً، ولا يجردون القصدَ إلى عقد يمين،


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٢٥.
(٢) حديث عائشة " لغو اليمين .. لا والله، وبلى والله " رواه أبو داود، والبيهقي وابن حبان من حديث عطاء بن أبي رباح عنها مرفوعاً، ورواه البخاري والشافعي ومالك وعبد الرزاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة موقوفاً، وقد صحح الدراقطني الوقف. (ر. البخاري: التفسير، تفسير سورة المائدة، باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]، ح ٤٦١٣، الموطأ: ٢/ ٤٧٧، الأم: ٧/ ٢٤٢، أبو داود: الأيمان والنذور، باب لغو اليمين، ح ٣٢٥٤، البيهقي: ١٠/ ٤٩، مصنف عبد الرزاق: ٨/ ٤٧٤ ح ١٥٩٥٢، صحيح ابن حبان: ح ٤٣١٨، معرفة السنن والآثار: ح ٥٨٠٤، التلخيص: ٤/ ٣٠٨ ح ٢٥٠١).