للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس]

٣٤٥ - قد ذكرنا أن الماء القليل إذا وردت عليه نجاسة نجّسته، تغيّر الماء أو لم يتغيّر، والماء إذا بلغ حدَّ الكثرة لم يتنجس ما لم يتغير.

والمعتمد والمرجوع إليه في حد الكثرة عند الشافعي ما روى عن النبي عليه السلام أنه قال: " إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل نجساً " وروى عن ابن جريج في طريقه "إذا بلغ الماء قلتين بقلال هجر، لم يحمل نجساً" (١).

والناس على ثلاثة مذاهب: أحدها - أن النظر إلى تغيّر الماء قلّ أو كثر، وهذا مذهب مالك (٢) رضي الله عنه. ولا يشك منصف أن السلف الصالحين لو رأوْا رطلاً، وقد قطرت فيه قطرات من بول أو خمر، كانوا لا يَروْن استعمالَه وإن لم يتغيّر، وحديث القلتين بمفهومه يردّ هذا المذهب.

ولم يستقرّ مذهب أبي حنيفة على حدّ. والذي تقرر عليه أنه إذا وقعت نجاسة في ماء، فمن اغتّرف الماء من موضعٍ يستيقين أن النجاسة لم تنتشر إليه، فهو طاهر (٣)، وهذا عماية لا يُهتدى إليها.

والشافعي لما لم يصح عنده مذهب مالك، ورأى مذهب أبي حنيفة خارجاً عما


(١) رواية الشافعي لحديث: "إِذا بلغ الماء قلتين ... " في الأم: ١/ ٤، والحديث سبق تخريجه، فقرة: ٣٠٠. وأما التقييد بقلال هجر في رواية ابن جريج، فرواه الشافعي في الأم: ١/ ٤، وانظر كلام الحافظ عليه بالتفصيل في التلخيص ١/ ٢٠ ح ٤.
(٢) ر. عيون المجالس: ١/ ١٧٤ مسألة: ٤٢، حاشية العدوي: ١/ ١٤٠، جواهر الإِكليل: ١/ ٦.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ١٦، الهداية مع فتح القدير: ١/ ٦٤ وما بعدها، بدائع الصنائع: ١/ ٧١، حاشية ابن عابدين: ١/ ١٢٨.