للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كِتَابُ المُزَارَعَةِ

٥٤٠٤ - قد قدمنا تفسيرَ المزارعة، والمخابرة في كتاب المساقاة، ونحن نجدد ذكرهما لغرضٍ لنا، فالمزارعة أن يسلّم مالكُ الأرض الأرضَ والبَذْرَ إلى مَنْ يعمل في الأرض، ويزرعها بتكريبه، وتقليبه، وثيرانه، وفَدّانه (١)، وسائر آلات الزراعة، على أن ما يحصل من الزرع، فهو بينهما على ما يتشارطان، وعبّر الأئمة، فقالوا: المزارعة استئجار الزراع ببعض ما يخرج من الزرع.

٥٤٠٥ - والمخابرة أن يسلّم الأرض ليزرعها ببَذرٍ من عند نفسه، والزرع بينهما، على ما يتشارطان، فمعنى المخابرة إكراء الأرض ببعض ما يخرج منها.

٥٤٠٦ - والمعاملتان باطلتان عندنا، وهو مذهب معظم العلماء، لا تصح واحدة منهما، إلا المزارعةُ على الأراضي الواقعة في خَلَلِ النخيل، تبعاً للمساقاة المعقودة على النخيل، كما تقدّم تفصيلُ ذلك في كتاب المساقاة، وقد روي عن ابن عمرَ أنه قال: " كنا نخابر أربعين سنة ولا نرى بذلك بأساً، حتى ورد علينا رافعُ بنُ خَديج، فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة، فتركناها لقول رافع " (٢). وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة، غير أن النهي عن المخابرة أصح (٣).


(١) الفدّان: بالتثقيل آلةُ الحرث (المحراث، والنِّير) (المعجم والمصباح).
(٢) حديث رافع بن خديج أخرجه الشافعي عن ابن عيينة، في مسنده: ٢/ ١٣٦، ح ٤٤٧، ورواه مسلم بمعناه: كتاب البيوع، باب كراء الأرض، ح ١٥٣٦. وانظر التلخيص: ٣/ ١٣٠ ح ١٣٠٩.
(٣) حديث جابر وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة، متفق عليه من حديث جابر: اللؤلؤ والمرجان: ح ٩٩٢، التلخيص: ٣/ ١٣٠ ح ١٣١٠.
أما حديث النهي عن المزارعة فقد رواه مسلم من حديث ثابت بن الضحاك (المساقاة، باب في المزارعة والمؤاجرة، ح ١٥٤٩)، وانظر التلخيص: ٣/ ١٣١ ح ١٣١٢.