للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مختصر قَسْم الصَّدقات

٧٨٠٤ - قال الشافعي: "الأصل فيه من الكتاب قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ... } [التوبة: ٦٠]. ومن السنة: "أنه جاء رجلان إلى النبي عليه السلام، فسألاه الصدقة، فصعّد نظره فيهما وصوب، ثم قال: أعطيكما إن شئتما، ولا حظّ فيها لغني، ولا لذي مِرَّة سوي" (١).

وأجمع المسلمون على أن الصدقات وظائف موظفة في أموال الأغنياء ومن في معناهم، والغرض الكلي منها صرف قسط من أموال الأغنياء إلى محاويج المسلمين.

٧٨٠٥ - ولا يجب على ملاّك الأموال الباطنة صرف زكواتها إلى الولاة، بل يتولَّوْن تفرقتها على المستحقين.

وأما الأموال الظاهرة، ففي زكواتها قولان: أحدهما - يفرّقها الملاك كالباطنة، وهو المختار في الجديد.

والثاني -وهو مذهب أبي حنيفة (٢) - وهو القديم: أنه يجب دفعها إلى الوالي لسيرة الصديق في مانعي الزكاة؛ لأن تولي الآحاد لا يؤخذ (٣) منه بسطها على المستحقين، وإذا جمعها الإمام تأتى له ذلك؛ ولأنها وظيفة كلية. أعدت للحاجات العامة، فكأنها في السَّنَة تحل محل النفقات الدّارّة (٤) يوماً يوماً لمن يمونه.

واختصّ ذلك بما يظهر؛ لأن للناس أغراضاً في إخفاء الأموال، وظاهرها لا يمكن إخفاؤه.

ووجه الأول أنها أحد أركان الدين، فيختصّ بأدائها من اختصّ بالتزامها؛ ولأن في منع الشافعي نقلها -في قولٍ- قصد التعميم؛ لأن أهل كل بلد إذا فرّق أغنياؤهم على


(١) لم أصل إلى هذا الكلام منصوصاً للشافعي، لا في الأم، ولا في المختصر. فهو بمعناه.
(٢) ر. بدائع الصنائع: ٢/ ٣٥، البحر الرائق: ٢/ ٢٤٨.
(٣) كذا.
(٤) الدّارّة: أي الدائمة المستمرة. (المعجم).