للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب التحفظ في الشهادة]

قال الشافعي: قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦].

١٢٠٤٣ - قاعدة الباب أن الشهادات شرطها أن تُتَحمل عن علم ويقين، لا يعارضه مخامرةُ رَيْب، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦]، قال ابن عباس: " إن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف أشهد، فقال عليه السلام: أرأيت الشمس طالعة فقال نعم، فقال: على مثل هذا فاشهد، أو فاسكت " (٢).

ثم حقائق الأشياء والعلومُ بها تتلقى من حاسة السمع والبصر في تحمل الشهادات، والعقل المِلاك.

أما الأفعال، فالأصل في تحمل الشهادة عليها البصر، ولسنا نعيد ذكر العقل؛ فإنه لا شك فيه، وهذا كالعلم بالجنايات، والاستهلاكات، ونحوها من الأفعال، فلا سبيل إلى تحمل الشهادة عليها إلا بالعِيان المتعلّق بها، [وبفاعليها] (٣)؛ فإن الشهادة لا تنفع فيها (٤) دون أن تُربَطَ بمن صدرت منه، ولا بد من البصر فيهما جميعاً.

وأما إثبات الأقوال في مفاصل القضاء، فلا بد من السمع والبصر، أما السمع، فهو الأصل بالعلم بالمسموع، واختصاصها بالقائلين لا يدرك إلا بالبصر.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٤٩.
(٢) حديث ابن عباس " أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة، فقال: هل رأيت الشمس ... " رواه العقيلي في الضعفاء (٤/ ٧٠) وابن عدي في الكامل (٦/ ٢٠٧) والحاكم (٤/ ٩٨) وصححه وردّه الذهبي، ورواه البيهقي (١٠/ ١٥٦) وقال: لم يرو من وجه يعتمد عليه.
(ر. التلخيص: ٤/ ٣٦٣ ح ٢٦٣٦، إرواء الغليل: ٨/ ٢٨٢ ح ٢٦٦٧).
(٣) في الأصل: " وبقاء عليها ".
(٤) أي في الأفعال.