للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه]

١٢٣٢١ - إذا كان للرجل دين على إنسان وكان من عليه الدين مليئاً وفياً، لم يظهر منه امتناعٌ عن أداء ما عليه، فليس لصاحب الحق أن يأخذ ماله، ولو أخذه، لم يملكه، ولا فرق بين أن يكون من جنس حقه، أو من غير جنس حقه.

وإن كان من عليه الحق مُقراً مليئاً، ولكن كان مماطلاً، فليرفعه إلى القاضي، وليس له مع التمكن من ذلك أن يأخذ مالَه.

وإن امتنع عليه رفْعُه، أو غَيّب عنه وجهَه، وتعذر عليه الوصول إلى حقه، فإذا ظفر، نظر: فإن ظفر بجنس حقه؛ فله أن يأخذه، وإذا قصد أخذه عن حقه ملكه.

فأما إذا ظفر بغير جنس حقه، فهل يأخذه؟ فعلى قولين مشهورين: أحدهما - أنه لا يأخذه، وهو مذهب أبي حنيفة (١). والثاني - أنه يأخذه، واستدل الشافعي عليه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند: " خذي ما يكفيك وولدَك بالمعروف " (٢).

ولم يفصل بين أن تظفر بجنس النفقة أو بغير جنسها.

ثم أبو حنيفةَ جوّز أخذ الدراهم عن الدنانير والدنانير عن الدراهم، ونحن نجري القولين في ذلك إذا تحقق اختلاف الجنس.

ولو كان حقه دراهمَ صحيحة، فوجد مكسرة؛ فإن رضي بها أخذها قولاً واحداً.

وإن كان حقه دراهم مكسرة، فوجد دراهم صحيحة، فلا يأخذها بحقه، ولا يتصور اعتياض مع التفاضل (٣)، ولا مسلك إلا بيع الدراهم بالدنانير مثلاً، وصرف الدنانير إلى نوع حقه من الدراهم، فإذا كانت صورة المسألة هكذا، فالظافر بالدراهم كالظافر


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٥٨.
(٢) حديث " خذي ما يكفيك " سبق تخريجه.
(٣) لأن الاعتياض مع التفاضل ربا، بل يبيع بالدنانير، ويشتري بها الدراهم المكسرة.