للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب (١) الاعتكاف وليلة القدر

٢٣٥٧ - صدّر الشافعي كتابَ الاعتكاف بالقول في ليلة القدر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلتمسها في العشر الأواخر، ويعتكف فيها ليلاً، ونهاراً.

واختلف العلماءُ: هل كانت ليلة القدر في الأمم؟ والمختار عندنا أنها مختصة بهذه الأمة؛ لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس لأْمَتَه (٢)، وقاتل في سبيل الله ألف شهر، لا ينزِعها (٣)، فاستعظمت الصحابة، [ذلك] (٤) وتمنَّوْا أن يكون لهم مثلُ هذا العمر، وهذه القوة؛ فأنزل الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] إلى قوله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣]، فدل هذا على تخصيص هذه الأمة [بها] (٥).

٢٣٥٨ - ثم اختلف الناس في وقتها: فذهب بعضُهم إلى أنها في السنة، وعندنا أنها في الشهر، ومذهب أبي حنيفة (٦) أنها في الشهر، لا يختص بها عشر، وذهب الشافعي إلى أنها في العشر الأخير، وميله إلى أنها ليلةُ الحادي والعشرين، وفيه الحديث الصحيح، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أريت هذه الليلةَ، فخرجت لأخبركم، فتلاحا فلانٌ وفلان، فأُنسيتها، ولعله خيرٌ لكم، ورأيتني أسجد في صبيحتها إلى ماءٍ وطين " قال راوي الحديث، أبو سعيد الخدري:


(١) في (ط): كتاب.
(٢) لأْمَته، بفتح فسكون: أداة الحرب كلُّها: من رمحٍ، وبيضة، ومِغْفَرة، وسيف، ودرع.
(المعجم).
(٣) ينزِع: من باب ضرب.
(٤) مزيدة من (ط).
(٥) زيادة من المحقق؛ رعاية للسياق والسباق.
(٦) ر. فتح القدير: ٣/ ٣٨٩.