١١٩٢٦ - مضمون الباب ومقصودُه بيانُ القضاء على الغائب وسماعِ الشهادة عليه، ثم يتصل بأطراف الكلام قواعدُ في القضاء على الحاضر، ويتعلق الكلام لا محالة بكيفية الدعوى، وأصولُ الدعاوى مستقصاةٌ في كتابها، ولكن القدر الذي يتصل الكلام به لو لم يُوفّر حقه من البيان، لاستبهم غرضُ الباب.
والذي أراه من الترتيب أن أذكر الدعوى على الغائب والقضاءَ عليه وإقامةَ البيّنة، ثم أذكر طرفاً يقتضي البابُ ذكرَه من القضاء على الحاضر.
فأما الكلام في القضاء على الغائب، فالدعوى عليه تنقسم قسمين: أحدهما - في دعوى شيء في الذمة، والأخر - دعوى عين من الأعيان.
فأما إذا تعلقت الدعوى بموصوفٍ في الذمة كالنقدين، وذوات الأمثال، فالدعوى مسموعة، وشرطها أن تكون معلومة. والعبارة الوجيزةُ عن إعلام الدعوة المتعلقة بما في الذمة أن يشتمل على الإعلام المرْعي في السلم.
وقد وضح طرق الإعلام في المسلَم فيه، والدراهمُ المطلقة في العقود محمولة على النقد الغالب، ولا يقع الاكتفاء في الدعوى بإطلاقها؛ كما لا يقع بإطلاقها لو كانت مسلماً فيها، وصححنا السلم في الدراهم، وليس يبعد الاكتفاء بالإطلاق في الدراهم إذا كانت مُسْلماً فيها؛ فإنها تثبت عوضاً، والمعاوضات منزلة على العادات.
وقد رأيت في كلام الأصحاب أن إطلاق الدراهم رأسَ مال (١)، -والدراهم غالبةٌ- جائزٌ، ثم تُعيّن بالتسليم في المجلس. وإطلاق الدراهم، وهي مسلم فيها إن صح ذلك على وجهين، والدعوى لا تنزل على العادة، كما أن الإقرار بالدراهم لا ينزل على العادة؛ فإذاً المعتمد ما ذكرناه.
(١) رأسَ مالٍ: أي رأس مالٍ في السلم. هذا، وقد ضبطت في الأصل بالرفع (رأسُ مالٍ).