للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الذي ذكره كلام مختلط، والظن أن الخلل من الناقل؛ فإنه ذكر أن قضاءه لا يثبت بالبيّنة، والمراد بذلك أنه لو شهد عنده عدلان بأنك قضيتَ، لم يثبت القضاء ما لم يتذكر، ويتصور إثبات القضاء بقامة البيّنة في مجلس قاضٍ آخر، وطريق البيان فيه أنه إن عُزل، فلا حكم لإقراره بالقضاء، كما سيأتي، ولو قامت بيّنة عند من هو القاضي بأنه قضى في زمن ولايته، نفذ الحكم.

وإن كانت المسألة مفروضة فيه إذا كان قاضياً، فإن شهد شاهدان على قضائه في موضع ليس هو محل ولايته يثبت القضاء (١)، ولو انتهى القاضي إلى ذلك الموضع، لم يقبل إقراره بالقضاء.

فإن صحّحنا قاضيين في بلدة وحُكْمُ كل واحد منهما نافذ فيها، فلو شهد شاهدان على قضاء القاضي عند القاضي الآخر؛ فهذا محل النظر. والظاهر أن البيّنة مسموعة، فلو أراد الخصم أن يحلّف هذا القاضي عند ذلك القاضي أنك قضيت، فالذي أراه أن القاضي (٢) تكلّم في هذه الصورة.

[وحكى] (٣) عن الأصحاب أنه لا يحلف، وقال من عند نفسه: يجوز أن يحلف في مجلس القاضي الآخر.

ثم التحليف ينبغي أن يقع على التذكر، فإن حلف: لا أذكر أني قضيت له، انقطع الكلام. وإن نكل، وحلف من يدعي القضاء، فقد يتخيّل أن يمين الرد كإقرار القاضي، وهذا بعيد. والوجه ما ذكر الأصحاب من أنه لا يحلّف؛ فإنه لا خصومة معه، وإنما قوله حجة كقول الشهود، فإذا لم تقم الحجة من جهته، فالتحليف لا أصل له. والله أعلم.

...


(١) أي بالبينة. وحكى الرافعي هذه المسألة عن الإمام، وزادها بسطاً. (ر. الشرح الكبير: ١٢/ ٤٩٣).
(٢) المراد القاضي حسين.
(٣) في الأصل: " حكى " (بدون الواو).