للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب الجُعل والإجارَة

٨٣٥٦ - مقصود هذا الباب مقصورٌ على الكلام في منافع يجوز إثباتها صداقاً، والقول الجامع فيها: إنَّ كل منفعة يجوز الاستئجار عليها، فيجوز فرضها على الجملة صداقاً.

ثم القول في المنافع التي يجوز الاستئجار عليها، مما أصلناه على (١) هذا الكتاب من كتاب الإجارة وغيره، والقول فيه منتشر، وضبط النفي والإثبات فيه عَسِرٌ، ولم يزد الأصحاب عن نقل مسائل مُرسلة، وما اعتنوا في ذلك بضابط، ولم يتشوف إلى الاهتمام به إلَاّ القاضي، فإنه حوّم على أطرافه ولم يستوعب، والقدر الذي ذكره: أنَّ كل عمل معلوم يلحقُ العاملَ فيه كلفةٌ ويتطوع به الغيرُ عن الغير؛ فالاستئجار عليه جائز، وإذا صح الاستئجار، صح إثباته صداقاً.

٨٣٥٧ - وليس ما ذكره شافياً للغليل، ونحن نرى أن نذكر مسائلَ مرسلةً، ثم ننبه فيها على الغرض المطلوب، وقد نذكر فنوناً وأقساماً.

فالعبادات البدنية المفتقرة إلى النية، إذا كانت النيابة لا تتطرق إليها، فلا يتصور الاستئجار عليها؛ فإنَّ مِنْ حُكْمِ الاستئجار وقوع فعل المستأجَر عن المستأجر، وامتناع النيابة ينافي هذا، والعبادة البدنية التي تجري النيابةُ فيها -وهي الحج لا غير- يجوز الاستئجار عليها؛ كما تفصَّل في كتاب الحج، وإذا قلنا: غسل الميت يفتقر إلى النية، فالاستئجار عليه جائز، [وإن] (٢) كان [قربة] (٣) بدنية، وذلك أنَّ النيابة


(١) على هذا الكتاب: أي (في) هذا الكتاب، نظير قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: ١٠٢].
(٢) في الأصل: فإن.
(٣) في الأصل: قرينة.