ترجم مؤلفو كتب الطبقات لعلماء المذهب وأعلامه، وهم يقسمونهم ويرتبونهم على طبقات زمنية، فمنهم من جعل أهل كل مائة سنة طبقة، كالسبكي، ومنهم من جعل كل عشرين سنة طبقة، كابن قاضي شُهبة، ومنهم من جعل كل خمسين سنة طبقة، كابن كثير، ثم عاد فقسم كل طبقة خمس مراتب، كل مرتبة عشر سنين، فيما عدا الطبقة الثالثة فقد جعلها مرتبتين، وكلَّ مرتبة خمساً وعشرين سنة، وكذلك الطبقة الرابعة جعلها مرتبتين، لكن جعل الأولى عشرين سنة، والثانية ثلاثين سنة.
وجعل كل خمسين طبقة ابن هداية الله الحسيني (ت ١٠١٤ هـ).
المهم أن الترتيب على السنين هو السائد والملتزم لدى الجميع عادةً، لكن هناك من رتب على الألفبائية مثل ابن الصلاح، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات (إذا عُدّ من كتب الطبقات).
لكن ابن الملقن في طبقاته (العِقد المُذْهَب في طبقات حملة المذهب) انفرد بأمرٍ لم أره عند غيره من أصحاب كتب الطبقات، فقد قسم كلَّ حملة المذهب بدءاً من تلاميذ الإمام الشافعي إلى المعاصرين له -أي لابن الملقن- إلى طبقتين فقط، بمفهومٍ آخر ومعيارٍ آخر غير المعيار الزمني؛ ذلك أنه عَنَى بالطبقة هنا المنزلة والمكانة، والأثرَ في المذهب، فالطبقة الأولى عنده ومثلها الثانية كل منهما تبدأ بتلاميذ الشافعي والآخذين عنه، وصولاً إلى أوائل القرن الثامن، حيث انتهى بطبقاته، قبل أن يُلحقهما بمَنْ عاصَرهم من العلماء، وسماهم الطبقة الثالثة.
فالفرق إذاً بين الطبقتين ليس السبق الزمني، وإنما هو المنزلة والمكانة.
وقد سمى الطبقة الأولى "طبقة أصحاب الوجوه ومن داناهم، وعددهم يُنيف على الخمسمائة".
وقال عن الطبقة الثانية:" نذكر فيها جماعات دون أصحاب الوجوه ومن داناهم، وعددهم يُنيف على سبعمائة ".
ثم قسم الطبقة الأولى إلى أربع وثلاثين طبقة، يرتب كلاً منها على حروف