للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب الأمة تغرّ من نفسها

٨٢٤١ - قد ذكر الأصحاب حكم الغرور بالنسب فيما تقدم، ونحن أخرناه إلى هذا الباب؛ حتى نأتي بأحكام الغرور مجموعة، والرأي أن نذكر حكم التغرير بالحرية ونستوعب ما فيه، ثم نذكر التغرير بالدين مع ما يتعلق به، ثم نذكر التغرير بالنسب وما يتعلق به من الصفات المرعية في الكفاءة.

٨٢٤٢ - فإذا غُرَّ أحد الزوجين بحرية صاحبه، فلا يخلو إما أن يُغر الرجل بحريتها، أو تغر المرأة بحرية الرجل، فإن غُرّ الرجل بحريتها، ولا يتصور ذلك، أولاً من جهة المولى؛ لأن المولى إذا ذكر حرية أمته، عَتَقَت، فالوجه فرض التغرير من وكيل الولي، بأن يزوّج وكيلُ الولي بأمر المولى، فيذكر الوكيل من تلقاء نفسه أن المزوّجة حرة. فهذا الأصل لا تتضح الأغراض فيه إلا بتقاسيم، وإذا رتبنا التقسيم في حقه، أَحْوَجَنا الترتيبُ إلى إعادة أحكام؛ حتى تجري الأقسام على انتظام، فليحتملها الناظر؛ [فإنا لا نُخلي معاداً مما هو مستجد] (١) مستفاد، إن شاء الله تعالى.

٨٢٤٣ - والذي نرى تصدير الفصل به -قبل الخوض في التفاصيل- الاعتناءُ بتصوير التغرير؛ فإنه لم يهتم بهذا أئمة المذهب، ولعل الأولين عولوا على فِطَن الطلبة وأبهموا، ثم تناسخت الأعصار، [فصار] (٢) ما استهانوا به معضلةً في صدور أهل الزمان، ونحن لا نجد بداً من تقرير الإشكال، وتوجيه فنونٍ من السؤال، ومعارضتها بما يمكن من طريق الانفصال، حتى تنفتح نواظر البصائر، وإذ ذاك نأتي بالحق المبين، والله ولي الإعانة.

فنقول أولاً: التغرير في ظاهره شرط حرية الزوجة، وقد تمهد في أحكام العقود،


(١) عبارة الأصل: "فا لا نحلى معاداً هو مستجد". والمثبت محاولة منا لإقامة العبارة.
(٢) زيادة من المحقق.