قال الشافعي:" هي مأمورة بأن تغتسل لكل صلاة مفروضة "؛ إذ لا يدخل وقتٌ إلا ويحتمل أن يقدر فيه انقطاع حيضها. فإذا اغتسلت لصلاة الصبح مثلاً، وصلّت، ثم دخل وقت الظهر، فمن الممكن أنها اغتسلت وصلت الصبح في زمان الحيض، وإن حيضها إنما انقطع بعد الزوال، ثم يطَّرد ذلك في جميع أوقات الصلوات؛ فاقتضى ذلك أمرَها بالغُسل لكل صلاة مفروضة.
ثم الغُسل في حقها كالوضوء في حق المستحاضة، فيما ذكرناه من الأمر بتجديده لكل فريضة.
٥٢٣ - وقد ذكرنا ترددَ الأصحاب في أن المستحاضة لو توضأت في الوقت، فهل يجوز لها أن تؤخر إقامة الصلاة عن الفراغ من الوضوء، أم يلزمها تعقيب الوضوء بالصلاة؟
فأما الغُسل في حق المتحيرة، فقد ذهب ذاهبون إلى أنه يجري مجرى الوضوء في التردّد الذي ذكرناه من اشتراط البدار إلى إقامة الصلاة، وهو وهمٌ وغلط من قائله، والسبب فيه أنا إنما أوجبنا على المستحاضة في وجهٍ ظاهرٍ تعقيب الوضوء بالصلاة؛ حتى تقلّ أحداثها؛ إذ لو أخرت، لتجددت أحداث مستغنىً عنها، وهذا لا يتحقق في الغسل؛ فإن عين الدم ليس من موجبات الغسل، بل إنما الموجب له انقطاع الحيض، وليس هذا مما يُتوقع تكرره في أزمنة تتخلل بين الغسل والصلاة.
وإن قيل: إذا اغتسلت وأخرت الصلاة، فلعل غُسلها وقع في الحيض، وإنما انقطع بعد الفراغ منه، فهذا المعنى لا يختلف تقديره بأن يقصر الزمان أو يطول؛ فإن