للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب حبس المفلس]

٤٠٣٣ - مضمون هذا الباب ثلاثة فصول: أولها - في قاعدة الحبس.

والثاني - في إثبات الإعسار.

والثالث - في مسافرة من عليه الدين.

فأما: الفصل الأول، فنقول:

٤٠٣٣/ م- إذا ثبت الحق، وتعذر استيفاؤه، لم يخل إما أن يكون التعذر بسبب الإعسار والفلس، وإما أن يكون بسبب امتناع من عليه الحق من تأديته. فإن كان بسبب الفلس، فحكم الله تعالى إنظار المفلس، وإزالة التعرض عنه إلى ميسرة، قال الله تعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] الآية.

وإن امتنع من عليه الحق من أداء ما عليه مع القدرة، فهو ظالم، مندرجٌ تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلمٌ" "ليُّ الواجد ظلم" (١) ثم القاضي إن وجد له مالاً، وقد تحقق امتناعَه؛ فإنه يملك بيعَه وصرفه إلى دينه، ولا حاجة إلى ضرب الحجر عليه، بل يبتدر البيع؛ فإن منصب الولاية يقتضي استيداءَ (٢) الحقوق، وإيفاءها على مستحقيها، على ما يساعد الإمكان فيه.


(١) الحديث بلفظ "لي الواجد" أخرجه من حديث عمرو بن الشًرِيد عن أبيه أبو داود في الأقضية ح ٣٦٢٨، والنسائي: بيوع، باب مطل الغني، ح ٤٦٨٩، وابن ماجة: صدقات، باب الحبس في الدين: ٢/ ٨١١ ح ٢٤٢٧، وابن حبان: ٧/ ٢٧٣ ح ٥٠٦٦، والحاكم: ٤/ ١٠٢، وصححه، ووافقه الذهبي، وانظر التلخيص: ٣/ ٨٩ ح ١٢٤٨، شرح السنة: ٨/ ١٩٥.
وبلفظ "مطل الغني": أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري: في أول الحوالة، ح ٢٢٨٧، ومسلم: المساقاة، باب تحريم مطل الغني، ح ١٥٦٤.
(٢) (ت ٢): استيفاء. والاستيداء: طلب الأداء، والمعنى: أن منصب الولاية يقتضي تحصيل الحقوق، وإعطاءَها لمستحقيها.