للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب ما يجب على المرء من القيام بالشهادة]

١٢٠٥٧ - قال الشافعي رضي الله عنه: " قال الله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] ... إلى آخره " (١).

والكلام في الباب يشتمل على مقصودين: أحدهما - أن من تحمل الشهادة على شيء استشهد فيها، فإذا مست الحاجة إلى إقامة الشهادة، نُظر: فإن كان المقصود يتعطل لو لم يشهد، فحق عليه أن يشهد، وإن كان تحملَ الشهادة جمعٌ، والحقُّ يثبت ببعضهم، وهم عشرة مثلاً، فإذا دعا الخصم آحادهم إلى إقامة الشهادة، فامتنعوا، فلا شك أنهم يَحْرَجون، والمأثم يعمهم، وإذا ابتدأ، [فعين] (٢) شاهدين، والتمس منهما إقامةَ ما تحملاه، فهل لهما أن يمتنعا؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - لهما ذلك؛ فإن الحق يثبت بالباقين.

والثاني - ليس لهما الامتناع؛ فإنا لو سوّغنا لهما ذلك، فقد يمتنع كل اثنين منهم يُدْعَيان إلى إقامة الشهادة، فهذا يؤدي إلى التعطيل. والوجهان مفروضان فيه إذا عيّن والباقون يرغبون، أو لم تبِن رغبتهم، ولا إباؤهم.

ولعل الخلاف في إحدى الصورتين يترتب على الخلاف في الأخرى، ولو امتنعوا، فهو ما ذكرناه من تأثيم الجميع.

ولو أشهد الرجل شاهدين، فلما استدعى منهما إثبات الشهادة وإقامتها، قال أحدهما: أشهد، وقال الثاني: " لست أشهد؛ فأحلِف معه "، فليس له ذلك، لم يختلف أصحابنا فيه، ولا تعويلَ على احتمالٍ يعنّ، مع نقلنا الوفاق على ثبت.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٤٩.
(٢) في الأصل: " معين ".