للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب تأخير الحج]

قال الشافعي: " أنزلت فريضةُ الحج بعد الهجرة ... إلى آخره " (١).

٢٤٦١ - مذهب الشافعي أن وجوب الحج ليس على الفور، وليس على المستطيع البدارُ إليه وعمره فسحته، ومدته؛ فإن الحج عبادةُ العمر، فكان موقعه من العمر، كموقع صلاة الظهر، من زوال الشمس إلى مصير كل شيء مثله. ولو استشعر من نفسه العَضْب، فمن أصحابنا من أوجب عليه البدارَ لهذا الاستشعار، ومنهم من لم يوجبه.

٢٤٦٢ - ثم إذا استطاع، فأخر، فمات، فالمذهب أنه يموت عاصياً؛ فإنا لو لم نعصِّه، لأخرجنا الحجَّ عن حقيقة الوجوب.

وأبعد بعض الفقهاء فقال: لا يموت عاصياً، لأنه أخر، والتأخير مسوَّغ له، وإنما يعصي، من فعل ما ليس له فعله.

وهذا قولٌ عريٌّ عن الإحاطة بأصول الشريعة؛ فإن التأخير إنما يسوغ على خطرٍ (٢) يلابسه، في عاقبة أمره، وقد ذكرتُ في فن الأصول (٣) في ذلك سرّاً، فقلت: وجه وجوب الحج أن مؤخره متعرض للغرر، وهو مما يؤلم القلب، ولولا هذا، لما تحقق الوجوب. وظهر اختلاف أئمتنا في أن من أخر الصلاة [المؤقتة] (٤) إلى وسط الوقت، فاخترمته المنية، فهل نقضي بأنه يلقى الله عاصياً؟ فقال قائلون: إنه يعصي كما يعصي المستطيع إذا مات، ولم يحج، وقال آخرون: لا يعصي؛ فإن التأخير،


(١) ر. المختصر: ٢/ ٤٤.
(٢) (ك): على غير خطر.
(٣) ر. البرهان في أصول الفقه: ١/ ١٦٨ - ١٧٨ فقرة ١٤٣ - ١٦١.
(٤) مزيدة من (ط).