الكرام، فالسياق على نحوٍ ما مستقيم، والكلام في البيع. و (النوى) مما يشتمل عليه المبيع، ويباع تبعاً من غير تعرّضٍ له، وانتهى الأمر.
ولكن معايشة النص، والوعي الكامل بالسياق، والموضع الذي فيه الكلام، يشعر بأن هنا فجوة، ومع التأني والتلبث والتريث، وسؤال الله من فضله، وَمَضَ النصُّ وَمْضةً كشفت عن الصواب، فإذا هو:" فلا يضر تعرض المبيع للتوى " فتصحفت كلمة المبيع إلى البيع، وكلمة (التوى) بمعنى الهلاك، إلى النوى.
ومثال من التصحيفات التي رأيتها في كتاب الاستيعاب لابن عبد البر، قوله، وهو يترجم لعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق:" ويقال: إنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ولا أب وبنوه، إلا أبو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنه أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن ". اهـ
فقوله:" لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ولا أب وبنوه " كلام غير مستقيم، ولا مدلول له، والسبب في ذلك تصحيف ظريف خفيف عند قراءة النص المخطوط. وذلك أن كلمة:" ولا أب وبنوه " صوابها: وِلاءً: أبٌ وبنوه. ولكن لما كانت المخطوطات القديمة لا تهمز الممدود، بل ولا غير الممدود، فصارت كلمة:(وِلاءً)(لا) النافية وقبلها (و)، وبهذا التصحيف استغلق الكلام.
فالمعنى: لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أربعةُ أجيال متوالية من أب وأبنائه إلا أبو قحافة وأبو بكر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، ومحمد بن عبد الرحمن.
رضي الله عنهم أجمعين. وهكذا ضاعت الهمزة، فجعلت اللفظة لفظتين، واضطرب السياق.
[٧ - ضبط الغريب والمشكل، وتفسيره]
وهذا أيضاً مثل كل عمل المحقق يحتاج إلى اليقظة، والدقة، وعدم الاعتماد على المعروف لديه، المعلوم عنده. وليس المطلوب ضبط الغريب الذي يحتاج إلى تفسير فقط، ولا المشكل الذي يُشكل إعرابُه فقط، بل المراد إضاءة النص، بضبط اللفظ الذي يساعد على فهم المراد، وإقامته بضبط بنية الكلمة التي قد تنطق خطاً، مثل بعض