للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[باب الإحداد]

٩٨٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تَحِدَّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً " (١) ومضمون الحديث باتفاق العلماء، إيجاب الإحداد على المتوفى عنها زوجها في مدة العدة، وتحريمُ الإحداد على غيرها إلا ثلاثَ ليالٍ، ونحن نذكر من يجبُ عليه الإحدادُ أولاً، ثم نذكر معنى تحريم الإحداد، ثم نبين وصف الإحداد.

والإحداد من الحَدّ وهو المنع، فالمحتدة ممتنعةٌ عن أسباب الزينة؛ وقال الأئمة: على المتوفَّى عنها أن تَحِد قولاً واحداً، فالرجعية لا تَحِد، فإنها في حكم الزوجات، فلا تحد، كما لا تحد الزوجة، والمطلقةُ البائنة هل يلزمها الإحداد؟ فعلى قولين: أحدهما - يلزمها الإحداد؛ لأنها معتدة عن الزوج لا يملك الزوج رجعتها، فصارت كالمتوفى عنها.

والئاني- لا يجب عليها الإحداد؛ لأنها معتدة عن طلاقٍ فأشبهت الرجعية.

والمعنى الذي يليق بهذا الأصل أن المتوفى عنها متفجعة على فراق الزوج وذلك لائق بحالها، والبائنة مجفوّةٌ بالطلاق في غالب الأمر، لا يليق بحالها تكليفُ التفجع.

وهذا يناظر الترتيب المذكور في التعريض بالخطبة، فإنه جائز في عدة الوفاة، حرامٌ في عدة الرجعة، وفي جوازه في عدة البينونة قولان، وليس هذا التناظر لفظياً، ولكن بين الأصلين تناسب من جهة المعنى؛ فإن المتوفى عنها زوجها لا يليق بها وهي


(١) حديث "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث" رواه مسلم من حديث عائشة وحفصة رضي الله عنهما (الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام، ح ١٤٩٠).