للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب قطاع الطريق]

قال الشافعي رضي الله عنه: " رُوي عن ابن عباس في قطاع الطريق ... إلى آخره " (١).

١١١٧٠ - الأصل في أحكام قطاع الطريق قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... } [المائدة: ٣٣] وقد تكلم المفسرون في سبب نزولها، والأصح اللائق بغرضنا أنها وردت في قطّاع الطريق، كما سنصفهم، ناسخةً لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوم من عُرَيْنة، وهم جماعة دخلوا المدينة، فاسْتَوْخموها، واستَوْبئوا هواءها، وماءها، فاصفرّت ألوانهم، ونُهكت أجسامهم، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " لو خرجتم إلى إبل الصدقة، وشربتم من أبوالها وألبانها، فإنها شفاء للذَّرب (٢)، فخرجوا إلى إبل الصدقة، وشربوا من أبوالها وألبانها، فآبت إليهم نفوسهم، وصحت أجسامهم، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الإبل، فبعث في أثرهم، فأُخذوا، فأمر حتى قطعت أيديهم، وأرجلهم، وسُملت أعينهم، -وفي بعض الروايات: وسمّرت أعينهم- وأُلقوا في الحَرَّة، فكانوا يستسقُون فلا يُسقَوْن، وكان الواحد يعض على الحجر عطشاً، حتى ماتوا، فنزلت آية المحاربة ناسخة للمثلة " (٣).

ثم اعتمد الشافعي رحمه الله تفسيرَ ابنِ عباس لآية المحاربة، وقد قال في


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٧٢.
(٢) الذّرب: داء يصيب المعدة. (المصباح).
(٣) حديث العُرنيين الذين استاقوا إبل الصدقة وارتدوا، متفق عليه من حديث أنس (البخاري: الوضوء، باب أبواب الإبل والدواب والغنم ومرابضها، ح ٢٣٣، وأطرافه كثيرة منها في كتاب الحدود الأبواب ١٥، ١٦، ١٧، ١٨، ح ٦٨٠٢ - ٦٨٠٥. مسلم، القسامة، باب حكم المحاربين والمرتدين، ح ١٦٧١ ورقم أحاديث الباب ٩ - ١٤).