للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب علم الحاكم بحال من قضى بشهادته]

قال: " وإذا علم الحاكم أنه قضى بشهادة عبدين أو مشركين ... إلى آخره " (١).

١٢١٨٦ - إذا قضى القاضي بشهادة شاهدين في ظاهر الحال، ثم تبيّن له أنهما مشركان أو عبدان أو صبيان، فالحكم منقوض، وقد أوضحنا أن المعنيّ بالنقض التبيّن، وإلا فليس القضاء أمراً يعقد ويحل.

وذكر القاضي في صدر هذا الفصل أن القاضي لا يجوز له أن يصغي إلى قول المشركين، والعبيد، والصبيان إذا أحاط بحقيقة حالهم، وكذلك إذا كانوا فسقة -وقد تحقق القاضي ذلك- لم يُصغ إلى شهادتهم، وقد قدمت من قبل تردداً في ذلك.

وقد تحصل لنا ما يجب الاستقرار عليه في الإصغاء إلى شهادة الفسقة. أما المعلنون بالفسق، فلا ينبغي أن يصغي القاضي إلى شهادتهم - إلا أن يصح مذهبٌ في قبول شهادة المعلنين، ويرى القاضي أن يصغي، فلا معترض عليه في مجتَهد.

ولو أصغى إلى شهادة العبيد، ليقبلها على رأي أحمدَ (٢)، وطوائفَ من أئمة السلف، فلا معتَرَضَ. وإن كان لا يقبل قطعاً -وسبب الرد ظاهر- فالوجه ألا يصغي كما لا يصغي إلى شهادة المشركين، والعبيد، والصبيان.

وإن كان الفاسق مكاتماً، وكان القاضي عالماً بفسقه، فهذا موضع التردد؛ فإنه لو منعه من إقامة الشهادة، لكان ذلك هتكاً للستر، فالوجه أن يصغي ثم لا يَقْضي، والقياس ألا يصغي إلى من يعلم أنه مردود. والوجه أن يقدم النُّذُر إلى من يريد الإقدامَ على الشهادة من هؤلاء؛ حتى لا يتعرضوا، فإن فعلوا، فهم الذين هتكوا أستار أنفسهم.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٠.
(٢) ر. رؤوس المسائل الخلافية للعكبري: ٦/ ١٠٠٥، مسألة رقم: ٢٢٥٧، الإنصاف: ١٢/ ٦٠، كشاف القناع: ٦/ ٤٢٦، شرح منتهى الإرادات: ٣/ ٥٥٠.