للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب عقد نكاح أهل الذمة]

٨١٨٧ - قد ذكرنا في نكاح المشركات أن أنكحتهم التي عقدوها في الشرك على وفق اعتقادهم منفّذةٌ في الإسلام إذا لم يتصل بالإسلام مفسد، وقد تفصّل ذلك على أبلغ وجه في البيان، ومقصود الباب الكلام في مهورهم إذا اتصلت العقود بالإسلام، فنذكر ذلك، ونذكر معه حكم عقودهم في الأموال وتعاملهم على الخمور والخنازير، فنقول:

إذا أصدق المشرك زوجته خمراً أو خنزيراً، ثم اتصل النكاح بالإسلام، فالمذهب الذي عليه الجريان: أن المرأة إن قبضت صداقها الفاسد في الشرك، ثم فرض الإسلام بعد ذلك، فليس لها طلب المهر، ويجعل كما لو كان أصدقها الزوج مهراً صحيحاً وقبضته.

ولو أسلمت قبل قبض المهر، فلها طلب مهر مثلها في الإسلام؛ وذلك لأنها ما رضيت بالنكاح عارياً عن الصداق، ولما أسلمت وهي على استحقاق المهر ويستحيل أن تطلب الخمر، فلا مرجع إلَاّ إلى مهر المثل، وتنزل هذه الحالة منزلة ما لو نكح مسلم مسلمة على خمر، فالخمر لا تثبت، ولكن يثبت مهر المثل.

٨١٨٨ - وذكر شيخي مسألتين غريبتين بعد تمهيد أصل المذهب وكنت أستبعدهما حتى رأيتهما لصاحب التقريب. فقد حكاهما عن نصوص الشافعي في سير الواقدي، إحدى الطريقين - أنها [إن] (١) لم تقبض الصداق في الشرك، وأسلمت، طلبت مهر المثل، كما ذكره الأصحاب، وإن قبضت الصداق الفاسد؛ ففي المسألة قولان: أحدهما - أنها لا تطلب شيئاًً، وهو ما صار إليه جماهير الأصحاب؛ فإنها أسلمت (٢)


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: فإنها ما أسلمت.