للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتاب اللعان]

٩٦١٣ - اللعان عبارة عن الكلمة المذكورة في كتاب الله تعالى من قوله سبحانه: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} إلى قوله: {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٦ - ٩]، وسميت الكلمةُ لعاناً لاشتمالها على اللعن، وإنما وقعت التسميةُ به، وهو أقل الكَلِم؛ لأنه غريب في مقام الشهادات والأيْمان، والشيء يشهر بالغريب الواقع فيه، وعلى ذلك جرى معظم تسميات سُوَر القرآن، ولم تقع التسمية بالغَضَب؛ لأن الأصل كلامُ الزوج، وقد يثبتُ دون لعانها.

والأصلُ في مضمون الكتاب قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآيات [النور: ٦ - ٩]، نزلت في عُويمر بنِ مالكٍ العجلاني، وقيل: هلال بن أمية رَمَى زوجتَه بشريك بن سَحْماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لتأتينّ بأربعة شهداء، أو يُجْلدُ ظهرُك "، فاغتم به، وقال: " أرجو أن ينزل الله فيّ قرآناً يبرِّىء ظهري، فنزلت الآية، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم باللعان فتلاعنا " (١)، وحكم بالفرقة بينهما ونفى الولد.

واللعان في ظاهر القرآن مرتبٌ على أن لا يجد الزوج بيّنة على تحقيق زناها؛ فإنه عز من قائل قال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: ٦]، وهذا الترتيب عرفناه في منازل البينات من نص القرآن.

فكان هذا خارجاً على ذلك المذهب، وإن لم يكن شرطاً، قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢]، ثم شهادة الرجل والمرأتين مقبولة مع التمكن من إقامة شهادة رجلين، فكان قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} [البقرة: ٢٨٢]،


(١) قصة لعان عويمر العجلاني متفق عليها من حديث سهل بن سعد (البخاري: الطلاق، باب اللعان ومن طلق بعد اللعان رقم ٥٣٠٨، مسلم: اللعان رقم ١٤٩٢).