فها أنت ترى أن حل هذه المشكلة المستعصية كان في إدراك مقطع الكلام، ومعرفة (الواو) وبعد. فهذا الاستئناف، والانقطاع والإضراب عما قبله، جعلنا نقرأ الكلام مستقيماً، لا حاجة فيه إلى تقدير سقط أو خلل.
[٩ - الترجمة للأعلام]
وهذا أيضاً مجال يعتمد على ذكاء المحقق وألمعيته، فليس كل ما يقرؤه المحقق عن العلم المترجم له يكتبه، فما أيسر هذا، وأقربه، ولكن على المحقق أن ينظر أولاً إلى الجانب الذي يتعلق بالفن الذي يحقق فيه، فإذا كان النص المحقق في الفقه مثلا -والعَلَم في كثير من الأحيان له عدة جوانب عرف بها- فعلى المحقق أن يعنى بتعريفه من الجانب الفقهي، شيوخاً، وتلاميذَ، وكتباً، وتأثراً وتأثيراً، وذلك في إيجاز شديد.
وهذا الإيجاز هو العمل الصعب حقاً، وهو الذي يدل على قدرة المحقق، وفنه.
كما يجب على المحقق أن يفرق بين الأعلام الذائعة المشهورة، والأعلام غير المعروفة، فيوجز في ترجمة الأولى أكثر من إيجازه في ترجمة الأعلام غير المعروفة.
وعليه أن يسأل نفسه: ماذا يريد قارىء هذا النص من هذا العلم، فأحياناً لا يحتاج القارىء لمثل هذا الكتاب إلى غير معرفة تاريخ وفاة العلم.
كما عليه أن يميز الأعلام بعضهم عن بعض، حينما يذكرهم المؤلف باللقب، أو الكنية، أو النسب، وهنا مجال العمل، وبذل الجهد، فهذا يدخل في باب حل مشكلات النص وإضاءته.
مثال ذلك ما عانيته في الأجزاء الأولى من (نهاية المطلب) حين كان الإمام يذكر الأعلام بهذه الطريقة: وحكى الشيخ، وحكى شيخنا، وحكى الشيخ أبو علي، وحكى الشيخ أبو بكر، وحكى القاضي، وحكى أبو بكر الفارسي، وقال أبو زيد، وعن الإمام، ... ونحو ذلك.
فهنا كان علينا أن نتوقف حتى نقطع شوطاً في الكتاب، ونحن نسجل هذه الأعلام، ومواضعها، فقد يُبهم في مكان، ويوضح في آخر، وبهذه الطريقة استطعنا أن نميز المقصود ببعض هذه الألقاب وهذه الكنى. ولكن العدد الأكبر منها لم يتضح لنا، فكان