للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب صفة السوط وما فيه]

قال: " ويضرب المحدود بسوط بين السوطين ... إلى آخره " (١).

١١٢٣٢ - الغرض من هذا رعاية الوسط في حجم السوط وصفته، وكيفية الضرب به، والإيلام لا بد منه مع بناء الأمر على تجريد القصد إلى إبقاء النفس، وهذا يوجب التوسط، فإن الإفراط ينافي البُقيا، وقصد الإبقاء وترك رعاية الإيلام الناجع يبطل حكم الحد، ومجموع ذلك يقتضي التوسط.

وأول ما نبدأ به حجم السوط، ولا متعلّق فيه إلا اسم السوط، والقضيب المستدق ليس بسوط، والزائد الحد المعتبر عصا، فحدُّ السوط المعتاد معتبر. هذا قولنا في الحجم.

فأما صفة السوط بعد حجمه، فلا ينبغي أن يكون رطباً قريبَ العهد؛ فإنه يَفْطُرُ (٢) الجِلدَ لما فيه من ثقل المائية، وتلدّن المعاطف والغوص في البدن إذا اشتدّ، لو أطاقه. والخشبةُ اليابسة خفيفة، وهي على خفتها لا تنعطف، فيسقط الإيلام المطلوب بها وقد [تتشظَّى] (٣). وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان يقيم الحدّ على إنسان، فأتي بخشبة لم تكسر ثمرتُها (٤)، أي كانت قريبة، وعليها عُقَدُها التي هي منابت الغصون الدقيقة، فردّها، وقال: " هلاّ دون ذلك "، فأتي بخشبة خَلَقة، فقال صلى الله عليه وسلم: " فوق هذا " فأتي بخشبة لا جديدة، ولا خَلَقة، فأقام بها الحد " (٥).


(١) ر. المختصر: ٥/ ١٧٦.
(٢) يفطُر الجلد: أي يشقه.
(٣) لم نستطع قراءتها إلا بمعاونة عبارة الغزالي في البسيط.
(٤) ثمرة السياط: عقد أطرافها (قاله الجوهري) وقال أبو عمرو: " لم يمتهن ولم يلن ".
(٥) حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحد على إنسان فأتي بخشبةٍ لم تكسر=