٢٩٨٢ - اختلف قول الشافعيّ بأن اللُّحمان جنسٌ واحدٌ أو أجناس، وذكر المزني أن الشافعي ذكر القولين، ثم زيّفَ قولَه أنها جنسٌ واحد.
توجيه القولين: من قال: إنهما أصنافٌ رجع إلى العادة؛ فإن الناس لا يعدُّون لحمَ الطائر من جنس لحم البقر، ولا يشكّون في اختلاف أجناس الحيوانات التي هي أصول اللحم، فلتكن اللحوم مختلفةً اختلافَها. ومن قال: إنها جنس واحد، احتج بأنها مشتركةٌ في اسمٍ لا تخصَّص بعده إلا بالإضافة، فكانت جنساً واحداً.
وفيما ذكرناه احترازٌ عن اجتماع المختلفات في اسم الثمار؛ فإن كلّ جنس يَختصُّ وراء اسم الثمار باسم خاصّ من غير إضافة، فيقال: خوخ، وتفّاح، ومشمش.
واللحوم لا تتميّزُ إلا بالإضافة إلى الأصول، فيقال: لحم البقر، ولحم الغنم.
التفريع على القولين:
٢٩٨٣ - إن حكمنا بأنهما جنسٌ واحد، فلحوم البرِّيات كلها جنس، ولحوم البحريّاتِ بَعضُها مع بعضٍ جنسٌ، وفي لحوم البرّيَّاتِ مع لحوم البحريَّاتِ على هذا القول وجهان: أحدُهما - أنها جنسٌ واحدٌ؛ طرداً لحكم الاتحاد. والثاني - البريُّ والبحريُّ جنسان، وإن حكمنا باتحاد الجنس في اللُّحمان؛ فإن المعتمدَ في الحُكم بالاتحاد الاجتماعُ تحت الاسم، وهذا لا يتحقق في لحوم البحريّ مع البرّيّ، بدليل أن من حلف لا يأكل اللحم، لم يحنث بلحم الحيتان.
وإن قلنا: اللحوم أجناس، فالبقر جنس ذو أنواع، كالجواميس مع غيرِها، وأنواع الإبل جنس، والضأن مع المعز جنس، والطيور أجناس: فالحمام على اختلاف أنواعها جنس منها: اليمام والقُمْرِي، والدُّبسي، والفَواخت، والقطا، وهي كل ما عَبّ وهَدَر، والبطُّ جنس، والدجاج جنس، والعصافير على اختلاف جثثها وألوانها جنسٌ.