للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبحريّ مَع البريّ جنسان، والسموك جنس، والحيوانات المائيّة كبقر الماء، وغنم الماء، بالإضافة إلى ما يُسمَّى حيتاناً، على اختلافٍ بين الأصحاب: فمنهم من قال: جَميعُ البحريَّات بعضِها مع بعضٍ جنسٌ واحدٌ، ذو أنواع. ومنهم من قال: الحيتان مع ما لا يُسَمى حوتاً جنسان. ثم هذا القائل يحكم باختلاف ما عدا الحيتان، نظراً إلى البرّيّات، فغنمُ الماء وبقرُه جنسان.

وهذا التردُّد خارج على اختلافِ الأصحاب في أن جميع البحريات لها حكم الحوت، وإن اختلفت صُورُها حتى تحل ميتتُها، أم لا يثبت لها حكم الحوت؟ على ما سيأتي في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى.

والوحشيات -على قول الاختلافِ- تخالف الأهليَّاتِ. ثم لا يخفى اختلاف أجناس الأهلياتِ، كذلك تختلف أجناس البرّياتِ كالبقر الوحشي؛ فإنها جنس، والظباء جنس. وكان شيخي يتردَّد في الظباء والإبل، وقرارُ جوابه على أنها جنس، كالضأن مع المعز، ولا يتجه غَيرُه.

هذا قَولُنا في النظرِ إلى لحوم الحيوانات بعضها مع بعض.

٢٩٨٤ - فأمَّا القول فيما يشتمل عليه حيوان واحدٌ مما لا يعدّ من اللحم عند الإطلاق، ويخصص بأسماءَ من غير إضافةٍ، كالكرِش، والكبد، والمِعى، والطِّحال، والرئة.

فتحصيل القول في هذا يستدعي تقديم رمزٍ إلى أصلٍ في الأَيْمان. فإذا قالَ الرجل: والله لا آكل اللحمَ، فالذي ذهب إليه جماهيرُ الأصحاب، أنه لا يحنث بأكل الكبد، والكرِش، والطَّحال، والمِعَى والرِّئة؛ فإنّ هذه الأشياء لا تسمى لحماً.

وحكى الشيخ أبو علي عن أبي زيد المروزي قولين: أحدُهما - ما ذكرناه، والثاني أنه يحنث؛ فإنّ هذه الأشياء في معنى اللحم. وهذا بعيدٌ، لم أره لغيره، ولم يختلف الأصحابُ في أن من حلف لا يأكل اللحمَ، لم يحنث بأكل الشحم. ولست أعني سَمْنَ (١) اللحم؛ فإنه معدود من اللحم، اتفق عليه من يوثق به. وأما القلب، فقد


(١) في (هـ ٢)، وفي المجموع ناقلاً عن النهاية: ١٠/ ٢١٩: "سمين".