للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بابٌ في مَسائِلَ

قال المزني: [تحريتُ فيها] (١) معنى قول الشافعي رضي الله عنه، "فمن ذلك: لو اشترى عبداً بألف درهم ... إلى آخره" (٢).

٤٢٥١ - صورة المسألة أنه إذا باع عبداً من رجل بألفِ درهم، وأحال المشتري البائعَ على رجلٍ بالثمن، ثم اطلع على عيبٍ قديم بالعبد، فرده، فالذي نص عليه المزني هاهنا (٣): أن الحوالة ترتد، وتبطل، ونص في المختصر الكبير (٤) أنها لا تبطل. ومنصوصات المزني في مجال التحرِّي معدودةٌ من مَتْن المذهب، وهي عند المصنفين كنصوص الشافعي، فالذي ذهب إليه الجمهور تخريجُ المسألة على قولين مخرّجين مبنيين على أن الغلبةَ للمعاوضة أو للاستيفاء؟ فإن جعلناها معاوضة، لم نبطلها، كما لو اعتاض البائع عن الثمن ثوباًً اعتياضاً صحيحاً، ثم وجد المشتري بالعبد المشترَى عيباً، فردّه، فلا يرتد ما جرى من الاعتياض عن الثمن، فلتكن الحوالة كذلك، بل الحَوالة أولى، بألا تنفسِخ؛ فإنها بعيدةٌ عن قبولِ الفسخ.

وإن جعلنا الحوالة استيفاءً، بطلت؛ لأنها نوعُ رِفقٍ في الاستيفاء، فإذا بطل الأصلُ، بطل الرِّفْق الذي كان تبعاً له، كما لو باع بألفٍ مكسرٍ، فقضاه المشتري صِحاحاً، ثم رد المبيعَ بالعيب، فإنه يسترد الصحاح. وليس للبائع أن يقول: أغرَم


(١) زيادة من نص المختصر.
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٢٢٧.
(٣) ها هنا: أي في المختصر المعروف.
(٤) المختصر الكبير هو للمزني أيضاًً، جمع فيه -كضَرِيبه المختصر المعروف- نصوص الشافعي، وقد يسمى (الكبير) بدون ذكر المختصر، وهو أقل شهرة وذكراً في الكتب وعلى لسان الأئمة من (الصغير) المشهور الذي يعرف بـ (المختصر) فقط بدون أي وصف. والكبير قد يسمّى (الجامع الكبير) كما سماه الرافعي في هذا الموضع. (ر. فتح العزيز: ١٠/ ٣٤٦ بهامش المجموع).