٨٤٥٥ - نصدّر الباب بذكر التفويض الصحيح المتضمن تعريةَ النكاح عن المهر، وعلى الطالب أن يتأنّق في صدر الباب أولاً، فنقول: المالكة لأمر نفسها -وهي الحرة العاقلة البالغة الرشيدة- إذا أذنت لوليها في أن يزوّجها بلا مهر، وقالت:" زوّجني بلا صداق "، فزوّجها وليها، وصرّح بنفي المهر على حسب إذنها، فهذا النكاح هو الذي يسمى نكاح التفويض. والمرأةُ تسمى مفوِّضة ومفوَّضة، ومأخذ اللفظين بيّن، وتسمية تعرية النكاح عن المهر تفويضاً ليس على حقيقة اللسان؛ فإن التفويض معناه التخيير، والإحالة على رأى الغير في النفي والإثبات، فالذي ينطبق على هذا اللفظ أن تقول لوليها:" إن شئت زوّجني بلا مهر، وإن شئت زوِّجني بالمهر "، ولو صرحت بنفي المهر، فزوّجها الولي، ولم يتعرض لذكر المهر؛ فهذا بمثابة ما لو نفى المهر، اتفق الأصحاب عليه.
ولو زوّج السيد أمته من أجنبي، ولم يذكر مهراً، كان هذا تفويضاً منه. ولو أذنت المرأة في التزويج، وأطلقت إذنها، ولم تذكر المهر نافية ولا مثبتة، فإذنها المطلق محمول على طلب المهر، وفاقاً، وهو بمثابة إذن مالك المتاع في بيع متاعه.
ثم إذا أذنت في النكاح مطلقاً، أو طلبت المهر، فزوّجها الولي، فإنا نقدم على هذا فصولاً في الوكيل والولي المجبر، ثم نرجع إلى الولي المزوِّج بالإذن.
٨٤٥٦ - فإن سمّى الوكيل مقداراً من المهر، فخالف، نُظِر؛ فإن زاد، فقد زاد خيراً، وكان كما لو قال الوكيل لوكيله:" بع عبدي هذا بألف "، فباعه بألفين، فالبيع لازم، والعوض المسمى ثابت، وإن خالف الوكيل في النكاح فنقص عن المقدار الذي سُمي له؛ لم ينعقد العقد؛ لأن تزويج الوكيل مبناه على الإذن، فإذا خالف الإذن مزوِّجاً بغير إذنٍ، فالتزويج بغير الإذن مردود. وهو كما لو قالت:" زوّجني من زيد " فزوّجها من عمرو.