للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الجزية]

١١٤٣٣ - أمر الله تعالى لما افترض الجهاد بقتل المشركين كافة، فقال تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: ٨٩]، وفي آية أحْرى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: ١٩١]، فمن العلماء من قال: كان الأمر بالقتال عاماً في ابتداء افتراض الجهاد، ثم ثبتت الجزية، لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، وكانت آية الجزية ناسخة للأمر بقتلهم كافة.

وقيل: آيات القتال عامة، وآية الجزية مخصصة لها، مبينة للمراد بها. فالأصل في الجزية الكتاب والسنة والإجماع. فأما الكتاب، فقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} وسنذكر تفسير الصغار في أثناء الكتاب- إن شاء الله تعالى.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: " إنك سترد على قومٍ هم أهل كتاب، فاعرض عليهم الإسلام، فإن امتنعوا، فاعرض عليهم الجزية، وخذ من كل حالم ديناراً، فإن امتنعوا، فقاتلهم" (٢) والإجماع منعقد على أصل الجزية.


(١) وهي أيضاً في سورة النساء: ٩١.
(٢) هذا الحديث أجهدنا كثيراً، حيث لفت نظرنا في أول بحثنا عنه قول الحافظ في التلخيص: " وقال أبو داود: هو حديث منكر، قال: وبلغني عن أحمد أنه كان ينكره " ا. هـ ولما رجعنا إلى أبي داود لم نجد هذا الكلام عن حديث معاذ، مع أن أبا داود أتى بحديث معاذ في خمسة مواضع من السنن، ولكن لم يعقب أي موضع منها هذا التعليق.
فتشعّب علينا البحث، وأخذنا ننقّر ونفتش في كل ما استطعنا الوصول إليه من مصادر ومراجع، ونوجز ثمرة هذا البحث والجهد فيما يلي:
١ - الحديث ورد عند أبي داود في خمسة مواضع: ثلاثة في كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة، ومن ثلاث طرق، وأرقامها: ١٥٧٦، ١٥٧٧، ١٥٧٨. وموضعان في كتاب الخراج، باب في أخذ الجزية. وأرقامهما: ٣٠٣٨، ٣٠٣٩. وكما ذكرنا لم نجد في أي من هذه المواضع الخمسة إنكار أبي داود الذي نقله عنه الحافظ في التلخيص. =