٣ - وجدنا هذا الإنكار عند أبي داود على حديثٍ لعلي رضي الله عنه يلي حديث معاذ في آخر موضع ذكره فيه أبو داود (رقم ٣٠٣٩ في الخراج) وحديث علي رقمه (٣٠٤٠) وهو في موضوع آخر لا علاقة له بحديث معاذ. ٤ - ولا مجال للقول بأن هذا الإنكار انتقل عند الطباعة خطأً من حديث معاذ إلى حديث علي الذي يليه، فقد وجدنا هذا الإنكارَ على حديث علي مفسّراً في عون المعبود من خلال هذه الزيادة التي جاءت بعد إنكار أبي داود مباشرة ونصّها: " وهو عند بعض الناس شبه المتروك، وأنكروا هذا الحديث على عبد الرحمن بن هانئ " ا. هـ وعبد الرحمن بن هانئ هو أحد رجال حديث علي، لا حديث معاذ. وقد نقل عوّامة في نشرته لأبي داود هذه الزيادة المفسِّرة للإنكار عن إحدى النسخ الخطية للسنن. أيضاً ذكر المنذري في مختصر سنن أبي داود هذا الإنكار، وذكر رجالاً من حديث علي جاعلاً الإنكار بسببهم. فتأكّد لدينا الآن أن العبارة في موضعها الصحيح عقب حديث علي، لا حديث معاذ، وهذا الواقع فعلاً في جميع طبعات أبي داود المختلفة، وكذا في النسخ الخطية المختلفة التي اعتمدها عوّامة في نشرته للسنن. ٥ - هذا ولم نجد أحداً من المحدثين الذين خرّجوا حديث معاذ، قدامى ومُحْدَثين كابن عبد البر، وابن حزم، والزيلعي، والعظيم آبادي، والشوكاني، والصنعاني، والألباني، وشعيب الأرناؤوط، ذكر إنكار أبي داود الذي وجدناه عند البيهقي، والحافظ في التلخيص. ٦ - وأعجب العجب في هذا الأمر أن نسخة الحافظ ابن حجر الخطية من سنن أبي داود، وقد كان حفياً بها، يعتمدها، ويرجع إليها، ويعلّق عليها حواشي وفوائد، كما ذكر محمد عوامة، وقد اعتمدها أصلاً في نشرته المحققة الجيدة لسنن أبي داود، نقول: لم نجد فيها هذا الأنكار على حديث معاذ، فكيف حكاه في التلخيص؟ الله أعلم بالصواب وما كان. ٧ - وختاماً فالحديث كما ساقه الإمام ملفّق من حديثين، الأول في الصحيحين من حديث ابن عباس بأوله إلى قوله: " فاعرض عليهم الإسلام ". وأما الجزية فرواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وأحمد، والدارقطني، وابن حبّان، والحاكم، والبيهقي من حديث مسروق عن معاذ. وله طرق أخرى عن معاذ. (. سنن أبي داود: الزكاة، باب زكاة السائمة، ح ١٥٧٦، ١٥٧٧، ١٥٧٨، والخراج: باب في أخذ الجزية، ح ٣٠٣٨، ٣٠٣٩، مختصر سنن أبي داود للمنذري: =