للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب في عتق العبيد، لا يخرجون من الثلث]

قال: " ولو أعتق رجل ستة مملوكين ... إلى آخره " (١).

١٢٣٦٥ - إنما فرض الشافعي الكلام في ستة مملوكين تيمناً بفرض المسألة في مورد خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عِمران بن حُصين في الحديث المشهور.

وغرض الباب أن من أعتق في مرض موته عبيداً لا مال له غيرُهم؛ وردَّ الورثةُ ما يزيد على الثلث، فمذهب الشافعي أنا نُقرع بين العبيد، ونُعْتِق مقدارَ الثلث منهم، مع طلب التكميل جهدَنا، حتى إذا أَعتق ثلاثةَ أعبد لا مال له غيرُهم، وكانت قِيَمُهم متساوية، فنُعِتق بالقرعة واحداً، ونرد اثنين، كما سنذكر كيفيةَ الإقراع.

وهذا مائل عن مقتضى القياس؛ فإن المريض لما أعتق العبيد، فقد أثبت لكل واحد منهم حقاً في العَتاقة نصاً، وإرقاقُ اثنين حرمانٌ لهما، والعتقُ من أعظم حقوق المعتَق، فإنه يملّكه نفسه، ويخلّصه من أسر الرق، والذي يقتضيه القياس أن نُعتق من كل واحد منهم ثُلثَه، ولكن قدم الشافعيُّ النصَّ الصريح على القياس؛ فإن عمران بنَ حصين روى أن رجلاً أعتق ستة أعبد لا مال له غيرهم، فَجرأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أجزاء وأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة (٢).

فمعتمد المذهب الخبرُ إذاً، وكأنا نفهم من غرض الشرع طلبَ تكميل الحرية.

ولو قال المريض -والعبيد ثلاثة كما وصفناهم في استواء القيم- واحد منكم حر، فَنُعتِق واحداً، على ما سيأتي تفصيل ذلك.

١٢٣٦٦ - ولو قال: الثلث من كل واحد منكم حر، فهذا تنصيص على قصد التبعيض، وقد اختلف أصحابنا في هذه الصورة على وجهين، فقال قائلون: إذا


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٦٩.
(٢) سبق هذا الحديث.