للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صرح على هذا الوجه بقصد التبعيض، وجب اتباعه، وتنزيل العتق على حسب لفظه. وقال آخرون: هذا بمثابة ما لو قال: أعتقتكم، فإن العبيد كانوا خُلَّصاً له، ومن ملك عبداً خالصاً، فأعتق جزءاً منه، عَتَقَ كلُّه، ولا تعويل على لفظه في التبعيض، مع تنزيل الشرع ذكرَ الأشقاص في العبيد الخُلَّص منزلةَ ذكر الأشخاص.

ولو قال لعبيده: ثُلثكم حر، فقد أطلق الأصحاب القول بالإقراع في هذه الصورة؛ من حيث لم يصرح بقصد التبعيض.

وقد ينتظم قول من يقول: الواحد ثُلث الثلاثة، وهذا إذا لم يفسِّر هذا اللفظَ بإعتاق الثلث من كل عبد؛ فإن فسّره به، فهو كما لو صرح، وقد مضى الخلاف فيه، وإن بقي اللفظ مبهماً، فالقرعة مقطوع بها، فقد تبين وضع الباب.

وأما أبو حنيفة (١)، فإنه قال: إذا أعتق العبيد الثلاثة، عتق من كل واحد منهم ثلثه، ويستسعى في قيمة ثلثين، ولا قرعة بحال. وقدم القياس الذي نبهنا عليه على الخبر الناص على [رأيه] (٢) في المسائل المشتملة على الخبر وطرفٍ من النظر. ثم لم يستمسك بالقياس أيضاً، بل قال: لو قال المريض لعبيدٍ: أحدكم حر، يَعْتِقُ من كل واحد ثلثُه، ويُسْتَسْعى من البقيه، فلا هو تمسك بالخبر، ولا وفّى القياس حقه.

فإذا تمهد ما ذكرناه فكيفية الإقراع ذكره الشافعي في باب مفرد.

...


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٨٢، المبسوط: ٢٩/ ٧١، رؤوس المسائل: ٥٤١ مسألة: ٣٩٩.
(٢) في الأصل: " دابر ".