للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب ما على القاضي في الخصوم والشهود]

قال الشافعي: "وينبغي للقاضي أن ينصف بين الخصمين في المدخل عليه للحكم ... إلى آخره" (١).

١١٩٩٩ - قال الأئمة: من تولى القضاء، فينبغي أن ينتجز الكتب (٢) من الإمام، أو من والي الإقليم، ثم تثبت ولايته في الناحية التي [رشح لها بالاستفاضة] (٣)، وهذا القدر كافٍ عند المحققين، والمشاهَد فيه سِيَرُ الأولين، والدليل الخاص فيه من جهة المعنى أن المُولِّي ذو الأمر، وليس للرَّعايا مطالبةٌ حتى يناط بحُججٍ خاصة، وأيضاً

فاعتبار الحُجج عسر؛ فإنها لو ثبتت، فمن يقيمها، وعند من تقام؟

ثم قال قائلون: مجردُ الكتاب كافٍ، وهو يعتضد عند استمرار الإمرة، وامتداد اليد الباطشة، واشتهار أمور الولاية في مكانها بأن ذلك لا يجترىء عليه ذو عقل، وهو مع هذا معتضد برسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاته، فما كانوا يستصحبون إلا كتبَ الرسول، حتى اشتهرت قصة ذلك المتخرص الذي أتى قوماً، وزعم أنه [رسول] (٤) رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكرَموه، وبَرّوه، ثم وفدوا على رسول الله عليه السلام، وأخبروه، فلعنه، وقال: " إذا رجعتم إليه، فاقتلوه، وما أراكم تدركونه " (٥). فرجعوا وألْفَوْه حُمَمَه، وكانت أدركته صاعقة فاحترق، ووجه التعلق بالقصة أن الرسول عليه السلام لم ينكر عليهم، ولم يأمرهم باستظهارٍ في المستقبل، وعدّ ما جرى من التخرص نادرةً لعن بها صاحبها.


(١) ر. المختصر: ٢/ ٢٤٥.
(٢) كذا. والمراد كتاب التولية.
(٣) في الأصل: "وشح لها الاستفاضة".
(٤) في الأصل: " الرسول ".
(٥) حديث الرجل الذي ادعى أنّه رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سبق تخريجه.