٦٧٧ - لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى المدينة، وشرع الجماعات في الصلوات، وانتشر الإِسلام، وكثر المسلمون فكان منهم المكتسبون والملابسون لما يتعلق بإِصلاح المعايش، وكانوا لا يشعرون بدخول المواقيت فتفوتهم الجماعة، شق ذلك عليهم، واحتاجوا إِلى أمارة يعرفون بها الوقت، فاجتمعوا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشْتَورُوا، فقال بعضهم: نضرب بالناقوس، وقال آخرون: تلك عادة النصارى، وقاك آخرون: نوقد بالليل، وندخّن بالنهار، فقال آخرون: تلك عادة المجوس، ثم تفرقوا، ولم يجتمعوا على رأي. قال عبد الله بن زيد بن عبد ربّه الأنصاري: كنت بين النائم واليقظان إِذ نزل ملك من السماء عليه ثيابٌ خضر، بيده ناقوس، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ قلت: أضرب به في مسجد رسول الله، فقال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: بلى، فاستقبل القبلة، وقال: الله أكبر. وذكر الأذان، ثم استأخر غير بعيد، وأقام، فلما أصبحتُ أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرتُ له ذلك. فقال: رؤيا حق، ورؤيا صدق إن شاء الله، ألقِه على بلال، فإنه أندى صوتاً منك، فقلت: يا رسول الله، ائذن لي لأؤذن مرة، فأذّنت، فلما سمع عمر صوته، خرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما رأى، فقال: الحمد لله، فذلك أَثْبَتُ. ثم أتاه بضعةَ عشر من الصحابة قد رأى كلهم مثل ذلك (١). فهذا أصل الأذان.
(١) حديث عبد الله بن زيد في قصة الأذان صحيح، رواه أبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي، والترمذي، وابن ماجة، وأحمد، والحاكم. (ر. التلخيص: ١/ ١٩٧ ح ٢٩١، أبو داود: الصلاة، باب كيف الأذان، ح ٤٩٩، وصحيح أبي داود: ١/ ٩٨ ح ٤٦٩، الترمذي: أبواب الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان، ١٨٩، ابن ماجه: الأذان، باب بدء الأذان، ح ٧٠٦، صحيح ابن خزيمة: ح ٣٧١، ابن حبان: ح ١٦٧٧، الحاكم: ٣/ ٣٣٦، البيهقي: ١/ ٣٩٠).