للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتمد الشافعي في باب الأذان حديثَ أبي محذورة، قال عبد الله بنُ مُحَيْريز: كنت في حجر أبي محذورة، فلما أردت الخروج إِلى الشام قلت: إِني خارج إِلى الشام، وإِني أخشى أن أُسأل عن تأذينك، فأخبرني به، فقال: نعم! كنت عاشر عشرة، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، ونزل منزلاً، فأذن بلال، فجعلْنا نصرخ عليه ونستهزىء به، فبعث إلينا رسول الله، حتى وقَفْنا بين يديه، فقال: أيكم الذي سمعتُ صوته قد ارتفع، فأشاروا إليَّ، وصدقوا، فأرسل كلَّهم وحبسني، ثم قال: قل الله أكبر -ولا شيء أكره إليّ من رسول الله ولا مما يأمرني به- وسَرَدَ الأذان، ونصَّ على الترجيع بالأمر بالشهادتين سراً، ثم قال: ارجع ومُدَّ من صوتك، وقل أشهد أن لا إله إِلا الله، ثم ذكر هكذا إِلى آخر الأذان، ثم أدناني فمسح يده على ناصيتي ووجهي، فما بلغت يده صدري حتى عادت تلك الكراهية كلها محبّةً، ثم ألقى إِليَّ صُرةً فيها دُريهمات، فقلت: يا رسول الله اجعلني مؤذن مَكة، فبعثني إِلى عتّاب بن أَسيد، فكنت أؤذن عنده (١). فهذا هو الأصل في الأذان.

٦٧٨ - ثم الذي نرى تقديمه القول في أن الأذان من السنن، أم من فروض الكفايات؟ وقد ذكرَ بعض المصنفين في المذهب: أنّ الأصحّ الذي، ذهب إِليْه جمهور الأئمة أن الأذَان من فروض الكفايات، على ما نفصله في التفريع، وقال: ذهب أبو سعيد الإصطخري إِلى أن الأذان سُنة، فحكي هذا حكاية الشَّوَاذِّ والنوادِر.

وقال الصيدلاني: الأذان عندنا مستحب، ولم يحك عن أصحابنا إِلا هَذا، قال: وذهب بعض أهل العلم إِلى أنه فرض على الكفاية.


(١) حديث أبي محذورة، رواه مسلم من غير تربيع (الله أكبر) وبدون ذكر القصة، وساقه بتربيع التكبير في أوله، الشافعي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن حبان، وقال ابن القطان: الصحيح في هذا تربيع التكبير. (ر. مسلم: كتاب الصلاة، باب صفة الأذان، ح ٣٧٩، وأبو داود: الصلاة، باب كيف الأذان، ح ٥٠٢، والنسائي: الأذان، باب كيف الأذان، ح ٦٣١، ٦٣٢، وصحيح سنن النسائي ١/ ١٣٥ ح ٦١٣، ٦١٤، وابن ماجه: الأذان، باب الترجيع في الأذان، ح ٧٠٨، ٧٠٩، وصحيح ابن خزيمة: ح ٣٧٩، والتلخيص: ١/ ١٩٦).