للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الوسيط. والوسيط مختصر من البسيط والبسيط مختصر من (نهاية المطلب) ونهاية المطلب شرح لنصوص الشافعي التي جمعها (مختصر المزني) " (١).

وتعبير ابن حجر الهيتمي -الذي تناقلته الكتب عنه- يوحي بأن " اشتغال الناس بكلام الإمام -منذ صنف (النهاية) - دون سواه " كان أمراً مقرراً شائعاً، ذائعاً، بالغاً: حدّ الاستفاضة، ولذلك لم ينسبه إلى أحد، ولم يروه عن راوٍ، كما هو نهج العلماء، وإنما قال: " وقولهم إنه منذ صنف الإمام كتابه (النهاية) ... لم يشتغل الناس إلا بكلام الإمام " (٢) فأنت تراه يقول: (وقولهم) هكذا، بدون تحديد القائل، وضمير الجمع هنا عائد على علماء الشافعية وأئمتهم، كأنهم تكلموا بذلك جميعاً، واتفقوا عليه.

...

[نهاية المطلب وتحرير المذهب]

ولعلنا لا نجاوز الحقيقة إذا قلنا: (إن نهاية المطلب) كانت الخطوة الأولى المبكرة في تحرير المذهب، قبل الرافعي والنووي، يشهد لذلك ما يأتي:

قولُ الإمام في خطبته: " ... وأبتهل إليه سبحانه في تيسير ما هممت بافتتاحه من تهذيب مذهب الإمام المطَّلبي الشافعي رضي الله عنه، يحوي تقريرَ القواعد وتحريرَ الضوابط، والمعاقد في تعليل الأصول، وتبيين مآخذ الفروع، وترتيب المفصّل منها والمجموع" فهو يؤكد أن عمله هذا تهذيبٌ لمذهب الإمام، وتقرير للقواعد.

ثم زاد هذا الأمر إيضاحاً، فقال: "وما اشتهر فيه خلاف الأصحاب ذكرته، وما ذكر فيه وجه غريب منقاس ذكرتُ ندورَه وانقياسه، وإن انضمَّ إلى ندوره ضعف القياس، نبهت عليه بأن أذكر الصواب قائلاً: "المذهب كذا" فهو يذكر خلاف الأصحاب، والوجوه المعتمدة في المذهب، منبهاً إلى ما يخرج بندوره وضعف قياسه عن المذهب.


(١) ر. المذهب عند الشافعية، بحث منشور بمجلة جامعة الملك عبد العزيز -العدد الثاني- جمادى الآخرة ١٣٩٨ = مايو ١٩٧٨ ص ٤٧ (بشيء من التصرف).
(٢) انظر مثلا: الفوائد المكية للسيد علوي بن أحمد السقاف: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>