للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب تضمين الأجراء]

قال الشافعي رحمة الله عليه: " والأجراء كلهم سواء، وما تلف في أيديهم، ففيه واحدٌ من قولين ... إلى آخره " (١).

٥٢٥٣ - نقول أولاً قبل الخوض في مقصود الفصل: من استأجر دابةً، أو غيرَها من الأعيان، وقبضها ليستوفي المنفعةَ منها، فإذا تلفت في يده من غير عدوانه وتقصيره في الحفظ، لم يضمنها، لا نعرفُ في ذلك خلافاًً، والسببُ فيه- عندنا- أنه استحق المنفعة منها، ولا سبيل إلى استيفاء المنفعة منها إلا بقبضها، وليست العين هي المستحقة في نفسها، فلما كان قبضُها طريقاً في استيفاء المنفعة، لم يثبت الضمان فيها.

ولو اشترى رجل سمناً في بُستوقة (٢) ليستخرج السمن منها، فتلفت في يده من غير عدوانٍ وتقصيرٍ، فقد ذهب بعض أصحابنا إلى أن البُستوقة لا تكون مضمونةً على القابض، قياساً على العين المستأجرة، ووجه التقريب أن اتصال المنفعة بالعين كاتصال السمن بالبُستوقة.

وهذا غير صحيح، والذي ارتضاه المحققون أن البستوقة مضمونة؛ فإن إخراج السمن منها من غير نقلٍ وإثبات يدٍ عليها ممكنٌ، ولا يتأتى الانتفاعُ دون نقل الأعيان التي بها الانتفاع، فالبستوقة في يده كالعين المستعارة، فهذه مقدمةٌ، جددنا ذكرها.

ونحن نخوض بعدها في مقصود الباب، فنقول:


(١) ر. المختصر: ٣/ ٨٥.
(٢) البُستوقة: إناءٌ من الفخار، فارسي معرّب (معجم الألفاظ الفارسية المعربة).