٥٢٥٤ - إذا تلفت عينٌ في يد الأجير، [وكانت سُلِّمت](١) إليه ليوقع فيها العملَ المستحَقَّ على الأجير بالإجارة، فلو تلفت تلك العينُ، فنقول: إن كانت يد المالك قائمةً، والأجير كان يعمل بين يديه، فليس للأجير يدٌ على الحقيقة، فإذا تلفت العينُ بآفة سماوية، فلا ضمان؛ فإنها لم تتلف في يد الأجير، وهذا يسمى الأجير المشاهَد. ومعناه أنه يعمل في مشاهدة المالك، وتحت يده.
٥٢٥٥ - فأما إذا زالت يد المالك وثبتت يد الأجير على العين التي كان يوقع عملَه
فيها، فإذا فرض التلف بآفةٍ من غير صُنعٍ من جهة الأجير، ولا تقصيرٍ، ولا عدوانٍ، فحاصل المذهب طريقان: من أصحابنا من رأى أقوال الشافعي محتملة في ذلك، ففي المسألة ثلاثة أقوال: أحدها- أنه لا يجب الضمان، وهو الأقيس؛ فإنه لم تثبت يده على العين لمنفعةِ نفسه، وإنما أثبتها ليوقع فيها عملاً مستحقاً عليه، وإذا كان مستأجرُ العين لا يضمنها، لأنه يستوفي منها منفعةً له، فلأن لا يضمن الأجير -وسببُ قبضه منفعةٌ مستحقة عليه- أولى؛ فإن من استحق شيئاً متخيِّرٌ في إسقاط حقه، ومن استحق عليه شي، فلا خِيَرَة له.
والقول الثاني - أنه يجب الضمان؛ لأنه يقبض ما يقبض لتقرير عوضِ عملِ نفسه، وترجع المنفعةُ إليه.
والقول الثالث- أن الأجير المشترك يضمن، والأجير المنفرد لا يضمن.
٥٢٥٦ - واختلف أئمتنا في الأجير المشترك، ويظهر من ذكر الاختلاف فيه الأجيرُ المنفرد، فمنهم من قال: الأجير المشترك هو الذي يلتزم تحصيلَ العمل في ذمته، فإن شاء أوقعه بنفسه، وإن شاء استأجر من يُحصِّلُه، فيجتمع في يده أعيان أملاك الناس، وسمي مشتركاً، لأنه لا يختص بواحدٍ من المستأجرين، والأجير المنفرد هو الذي تتعلق الإجارة بعينه لا بد منه، فهو منفرد لمستأجِره. والمشترك أولى بالضمان؛ لاتساع الطريق عليه، حتى كأنه غيرُ مأمورٍ في عينه بتحصيل العمل، بخلاف المنفرد.