للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٢٥٧ - وذكر العراقيون وجهاً آخر في معنى المشترك والمنفرد، فقالوا: المشترك من لا يتعين لعمله مكانٌ، وهو الذي يستأجَر لعملٍ موصوفٍ، من غير ذكر وقت، وقد يُتصور ذلك مطلوباً من عمله، حتى لو أراد إقامة غيره مقام نفسه، لم يجد إليه سبيلاً، وذلك أن يقول: خِط بنفسك هذا الثوبَ، فيتصور إذاً أن يعاقده على عمله في عينه أقوامٌ، والأجير المنفرد هو الذي يستعمل عقيب العقد، ولا يمهل، ويتعين له مكانٌ على هذا، ولا يقدّر مشتركاً.

٥٢٥٨ - وهذا الذي ذكره العراقيون فيه نظر، أولاً - في نفسه، ثم الرجوع يقع بعد ذلك إلى مقصود الفصل.

فإذا استأجر رجل شخصاً في خياطة ثوب وأورد الإجارةَ على عمله (١)، فلو أراد أن يلزمه الاشتغال بما استحقه عليه، فله ذلك، وإذا كان يملك هذا، فمنافعه مستحقة في هذه الجهة، فيجب أن لا يصح من الغير استئجاره، ومنفعة عينه مستحقةٌ مستغرقةٌ.

وهذا فيه احتمال، فلو جرينا على حقيقة الاستغراق، لزم منه أن يقال: إذا مضى على أثر العقد زمانٌ يسع العمل، فلم يعمل فيه، تنفسخ الإجارة، كما لو استأجر داراً شهراً، ولم يتفق تسليمُها حتى انقضى الشهر، وقد ذكرت طرفاً من هذا فيما تقدم، وهذا أوان استقصائه.

فإذا وردت الإجارة على الذمة، لم يخف مقصودُنا فيه، وإذا وردت على العين، وقُرنت بالتأقيت، فيتحقق [لا محالة] (٢) الاستغراق، ويترتب عليه الانفساخ إذا مضت المدة قبل التسليم.

وإن كانت الإجارة متعلقةً بالعين، ولكن المعتمدَ فيها صفةُ العمل، وبيانُ مقداره، كخياطة الثوب، وما في معناها، فهذا مختلف فيه. والاختلاف مأخوذ من فحوى كلام الأئمة.


(١) كذا في النسختين، ولعلها: "على عينه".
(٢) ساقطة من الأصل.