للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابُ بيع الكِلاب وغيرها

٣٤١٩ - صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحُلوَان الكاهن " (١). أما مهر البغي، فأجرة الزانية، وحلوان الكاهن ما يأخذه الكاهن على تغريرهِ بالكَهانةِ؛ فمذهبنا أن الكلب ليسَ بمالٍ، ولا يجوز بيعه وليس على متلفه قيمة لصاحبه، ولا يُنكر اختصاص صاحبه به، كما سنفصله الآن.

والوصية بالكلاب جَائزة ومعناهَا تنزيل الموصَى لهُ في الاختصاصِ بالكلب منزلةَ الموصي، وعلى هذه القاعدة يخلُف الورثة [في الكلاب] (٢) موروثَهم. وإذا لم يخلف إلا الكلابَ، ففي اعتبار خروج الوصيةِ والنظر إلى الثلث كلامٌ يأتي في كتابِ الوصايا إن شاء الله عز وجل.

وأما هبةُ الكلابِ، فقد ذَكر العراقيون والشيخ أبو علي وجهين فيها أحدهما - أنها تصح صحةَ الوصية. والثاني - لا تصح؛ فإن الهبة مقتضاها التمليك والكلبُ ليس ملكاً؛ وتصح الوصيةُ بالحمل وما سيكون، ولا تصح الهبة على هذا الوجه، واختار الأئمة فسادَ الهبة، وقضى القاضي بصحتها. وهذا زلل.

وإذا أبطلنا الهبة ألغيناها، والواهب على اختصاصه بالكلب.

٣٤٢٠ - واختلف الأصحابُ في إجارة الكلبِ، فصححها بعضهم؛ تعويلاً على منافعها، ومنعها بعضهم؛ تحقيقاً للبعد من التعامل عليها، ولا يتجه عندنا بناء الوجهين على الخلاف في أن المعقود عليه المنفعةُ أم الأعيانُ، حتى نقول: إذا جعلنا المعقود عليه العينَ، منعنا الإجارة. وإن جعلنا المعقود عليه المنفعةَ، أجزناها؛ فإن


(١) حديث النهي عن ثمن الكلب ... متفق عليه، من حديث أبي مسعود الأنصاري بهذا اللفظ عينه. (ر. اللؤلؤ والمرجان: ٣٨٣ ح ١٠١٠).
(٢) ساقطة من الأصل: وفي (ص): "يحلف الورثة أن الكلاب لمورثهم".