للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب لبن الرجل والمرأة]

قال: " اللبن للرجل والمرأة كما الولد لهما ... إلى آخره " (١).

١٠٠٥٥ - قد قدمنا في صدر الكتاب ثبوتَ حرمة اللبن في جانب الفحل، وانتشارها منه، وأوضحنا أن الولد إذا كان يُعزَى إلى الأم بالولادة وينتسب إلى الأب، فاللبن الدارّ عليه منسوب إليهما أيضاً، واللفظ الذي نقله المزني على [إيجازه] (٢) ناصٌّ على المغزى، نعني قولَه: " اللبن للرجل والمرأة كما الولد لهما " وحاصل القول أن اللبن تبعُ النسب، ثم ينتشر انتشارَه، ويمتزج بالنسب، ويختلط النسب به، كما قدمنا ذكره، فإن زنت المرأة، [فولدها] (٣) من الزنا معْزِيٌّ إليها في جميع الأحكام كولد الرِّشدة، وهو غير منسوب إلى الزاني، وقد أوضحنا أن الزاني ينكح بنت الزانية، وإن غلب أن العلوق منه، وإن تحقق ذلك، ففيه اختلافٌ، والأقيس طرد الباب.

ثم النكاح وإن لم يكن محظوراً، فهو مكروه، وفيما نقله المزني ما يدل على أن للشافعي قولاً مطلقاً في منع نكاح ولد الزانية في حق الزاني إذا غلب على الظن أن العلوق منه، وهذا لم يقبله الأصحاب، ورأَوْا القطعَ بأن النكاح لا يحرم، والكراهيةُ ثابتةٌ، وردّ الشافعيُّ على من لا يكره للزاني نكاحَ بنت الزانية، وظن المزني أن ما ذكره تحريمٌ، وليس الأمر كذلك.

فإذا تجدد العهد بولد الزنا، فاللبن يتبعه، فإذا أرضعت الزانية باللبن الدارّ على ولد الزنا، تثبت الحرمة من جهتها؛ لأن ولدَها منسوبٌ إليها زانيةً كانت، أو منكوحة، أو موطوءةً بشبهة، ولا يحرم المرتضع منها على الزاني؛ فإن اللبن يتبع


(١) ر. المختصر: ٥/ ٥٩.
(٢) في الأصل: على الجارة.
(٣) في الأصل: فولده.