للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الأسير يؤخذ عليه العهد ألا يهرب أو على الفداء]

١١٤٢٥ - مضمون الباب الكلام على أحوال الأسرى إذا أطلقهم الآسرون، وأثبتوا عليهم عهوداً، ونحن نفصل الغرض فيما يجوز، وما لا يجوز.

فنقول: إذا خلَّوْا الأسير وشرطوا أن يتردّد فيما بينهم، ولا يخرج إلى دار الإسلام، فمهما (١) تمكن، فلا يسعه المقام، إذا كان يخاف أن يُفْتَنَ عن دينه، وإن كان لا يخاف ذلك، وكان متمكناً من إقامة شعائر الشريعة غيرَ مدفوع عنها، فالأصح أنه لا يحرم عليه المقام.

ومن أصحابنا من حرم المقام؛ فإن المسلم بين أظهر الكفار مقتهَرٌ مهانٌ، فإن انكفوا عنه، فلا تعويل عليه؛ فإنهم قد يؤذونه، أو يقهرونه، أو يفتنونه عن دينه.

وحق المسلم أن يكون مستظهراً بأهل دينه، قال علي رضي الله عنه: " أنا بريء من كل مسلم بين المشركين " (٢)، حتى قال الأصحاب، لو كانوا حلّفوه، فلا يسعه المُقام، فإن أكرهوه على اليمين، فلا حِنث عليه، وإن لم يتحقق الإكراه على اليمين، ولكنه


(١) فمهما: أي: فإذا.
(٢) أثر علي: " أنا بريء من كل مسلم بين المشركين " لم نصل إليه من كلام علي رضي الله عنه، وإنما هو حديث مرفوع، ومن عجب أن علياً ليس من رواته.
والحديث المرفوع رواه أبو داوَد، والترمذي، والطبراني من حديث جرير بن عبد الله، وصححه الألباني في الإرواء، ورواه النسائي مرسلاً عن قيس بن أبي حازم، قال الحافظ في التلخيص: وصحح البخاري، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، والدارقطني إرساله إلى قيس بن أبي حازم (ر. أبو داود: الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، ح ٢٦٤٥، الترمذي: السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، ح ١٦٠٤، الطبراني في الكبير، ح ٢٢٦٤، ٢٢٦٥، النسائي: القسامة، باب القود بغير حديدة، ح ٤٧٨٤، التلخيص: ٤/ ٢١٨ ح ٢٢٨٥، إرواء الغليل: ٥/ ٣٠ ح ١٢٠٧).