للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتاب المساقاة]

٤٩٨٦ - المساقاة: أن يعامل مالكُ النخيل والكروم من يحسن العملَ فيها، ليقوم بسقيها، وتعهدها، ويشترط للعامل جزاء معلوماً مما يخرج من الثمر.

وهذه المعاملة جائزة عندنا، خلافاً لأبي حنيفة (١)، ومعتمد الشافعي في جوازها ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر، واقتسم بساتينها بين الغانمين وأجلى أهلَ خيبر عنها، فجاؤوا مستأمنين، فقالوا: نحن أعرف بالنخيل منكم، فأعطونا، نكفكم، فساقاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على شَطر ما يخرج منها من ثمر وزرع، وقال: " أقرّكم ما أقرّكم الله تعالى " (٢) وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأن اليهود كانت لا ترى النسخ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أساس المعاملة على تجويزه، وأنبأهم أنه إن نُسخ، حَكَم بغير حكم المعاملة، ومثل هذا الشرط جائزٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الشرع كان عرضة [التغايير] (٣) في زمنه، ومثل هذا التردد لا يسوغ منا. ثم لما أدركت الثمار، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إليهم خارصاً، فلما نَذِرُوا (٤) بقدومه، استقبلوه بحلي نسائهم، وأرادوا أن يخدعوه، فقال رضي الله عنه: هذا سحتٌ في ديننا، فلما أيسوا من هذه الجهة، أرادوا أن يستدرجوه بالكلام، فقالوا: أنت ابنُ أختنا، وإنما قالوا ذلك، لأن أمه كانت خيبرية، وقالوا: أنتَ أحب من قدم إلينا من هذه الجهة، فقال


(١) المساقاة ومثلها المزارعة، لا يجيزها أبو حنيفة، وزفر، وأجازها أبو يوسف، ومحمد بن الحسن. ر. حاشية ابن عابدين: ٥/ ١٨١ وما بعدها، مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٢١ - مسألة: ١٦٨٥ - وما بعدها.
(٢) حديث مساقاة أهل خيبر، متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر، رواه البخاري: المزارعة، باب المزارعة بالشرط ونحوه، ح ٢٣٢٨، ومسلم: المساقاة والمزارعة، باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، ح ١٥٥١، وانظر التلخيص: ٣/ ١٣٠ ح ١٣٠٧، ١٣٠٨.
(٣) في الأصل: المغايير، وفي (ي) الغايير. والمثبت من (هـ ٣).
(٤) نذروا: علموا، وزناً ومعنى. (المعجم).