للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب بيع المكاتب وشرائه (١)

قال: " وبيعُ المكاتَب وشراؤه ... إلى آخره " (٢).

١٢٥٨٦ - مقصودُ الباب ضبطُ المذهب فيما ينفذ من معاملات المكاتَب، وفيما لا يصح منه الاستقلال به، ولو فعله بإذن المولى، ففيه قولان.

فنقول: بيعُه بثمن المثل من غير أجلٍ نافذٌ، وشراؤه إذا لم يتضمن التزامَ غَبْن، صحيحٌ، وانفرادُه بما هو تبرع من المريض محسوب من الثلث مردودٌ، وإذا تبرع بإذن السيد، ففي المسألة قولان مشهوران: أحدهما - أن تصرفه ينفذ؛ فإن الحق لا يعدوهما. والثاني - أنه لا ينفذ؛ لأن المكاتب باستقلاله خرج عن التعرض لإذن المولى، فضعف من هذا الوجه إذنُه، وامتنع انفراده بالتبرع؛ فانتظم من ذلك انحسام التبرع عليه؛ فإن الإذن إنما يقع الموقع ممن يملك الاحتكام، وليس السيد كذلك، وهذا مذهب أبي حنيفة (٣).

ثم ألحق الأصحاب بما يمتنع على المكاتب التسري؛ بما فيه من الإفضاء إلى الإعلاق، وتعريض الموطوءة لخطر الطَّلْق، وهذا بمثابة منعنا الراهنَ من وطء الجارية المرهونة. وكان شيخي لا يُبعد إجراءَ الوجهين في وطء الجارية يُؤْمَنُ حَبَلُها.

وهذا غير مرضيٍّ -وإن أجرى الأصحاب هذين الوجهين في الراهن والمرهونة- من جهة أن المكاتب عبدٌ، وهو بالوطء يتصرف في نفسه بما يوهي القوة ويُضعف المُنَّة، ولا ضبط يُتخذ مرجوعاً للمذهب فيما يجوز من ذلك ويمتنع، والوجه الحسم، وإن أراد التسري بالإذن، ففيه الخلاف المذكور، كما تقدم في جميع التبرعات.


(١) ت ٥: " باب نكاح المكاتب وشرائه ".
(٢) ر. المختصر: ٥/ ٢٨٠.
(٣) ر. حاشية ابن عابدين: ٥/ ٦٣، الفتاوى الهندية: ٥/ ٦.